في الوقت الذي نفى مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن تكون وزارة التربية الوطنية قد اتخذت قرارا بتعويض مادة "التربية الإسلامية" بـ "التربية الدينية" في إطار مشروع مراجعة مناهج التعليم الديني بالمغرب، يلاحظ أن رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية، يلوذ بصمته، رغم أنه المعني رقم واحد بالحملة التي يقودها البيجيدي، تحت يافطة "الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية" التابعة له، لإرغام القصر الملكي على التراجع عن قراره بتمكين أبناء المغاربة من تربية دينية لا تمتح من أدبيات الوهابيين والإخوان المسلمين الرائجة في ديار الخليفة " سيدنا" البغدادي.
ويبدو صمت الوزير بلمختار مستغربا وغير مفهوم إذا علمنا أنه مؤتمن على تطبيق التوجهات الملكية الكبرى في مجال التعليم، وإذا علمنا أنه سبق له أن واجه عبد الإله بنكيران الذي "نهصره" و"قرعه" و"بهدله" في البرلمان أمام ملايين المشاهدين بشأن قضية تدريس الفرنسية واللغات الأجنبية الأخرى، وقال بلمختارآنذاك ردا على رئيسه المباشر: "صاحب الجلالة أعطاني مهمة، ودخلت لهذه الحكومة بهدف القيام بمهمتي، ولا يهمني أن أنجح أو أخفق، بقدر ما يهمني أداء المهمة التي أوكلت لي". فما السر في هذا صمت الوزير بلمختار اليوم بشأن إصلاح مقررات التربية الدينية إذا كان يعتبر نفسه مكلفا من طرف الملك بمهمة؟ هل خوفا من بنكيران الذي يرغب في "أسلمة" جميع مرافق الدولة ومؤسساتها و"يتبورد" على الجميع؟ وهل يعتبر الصمت تراجعا عن الإصلاح وإذعانا لرغبة الأصوليين، أم هروبا إلى الأمام في تطبيق التوجهات الملكية، رغم التصريحات المطمئنة والنافية التي أدلى بها رئيس الحكومة والناطق الرسمي باسمها؟
إن الفرنسية، يا وزير التربية الوطنية، ليست أهم من الدين، وبنكيران ليس أهم من الملك، والأصوليون ليسوا أهم من المغاربة.. ولهذا، فالمطلوب هو الشروع في تطبيق التوجهات الملكية وتنقية المقررات والمناهج الدينية من كل الشوائب التي تشجع عل التعصب والتكفير والكراهية ومعاداة الأديان الأخرى.