إن قرار وزير التربية الوطنية الأخير و المتعلق بحذف الفلسفة من مسالك التعليم المهني و استبدال مادة الفلسفة بمادة التربية الإسلامية في الامتحان الوطني البكالوريا المهنية هو قرار خطير يعيد انتاج الفكر الانغلاقي الذي أدى إلى ما أدى إليه من كوارث في بعض البلدان المعروفة.
فالذين يحتجون الآن على حذف دروس الفلسفة في الباكالوريا المهنية، وتعويضها بالتربية الإسلامية أو الفكر الاسلامي يدقون ناقوس الخطر.
فهذا الاستبدال الذي تبنته الحكومة في شخص السيد الوزير هو أمر منطقي بمفهومه التجاري و الإيديولوجي، لأن الاختيار الاقتصادي للبلاد لديها يرتكز على توطين الشركات العالمية كشركات صناعة أو تركيب السيارات، وشركات قطع الغيار والكابلاج، وشركات الطيران وهلم جرا... وهذه الشركات بحاجة ليد عاملة مؤهلة ورخيصة.
اليد العاملة المؤهلة يجب أن تمتلك نوعا محددا من المعارف التقنية وليس العلمية والفكرية، هي عبارة عن روبوتات لا تعارض الأوامر، ولا تبحث عن الحقوق و لا تحتج على التعسفات، وتنفذ التعليمات والأوامر، ولا تمتلك القدرة على الرد عليها لغويا ولا فكريا؛ تستقبل وتستهلك الخطاب ولا تنتجه.
و أهم طريقة لانتاج هذه الفئة من اليد العاملة، هو التكوين والتعليم المهني. ومن أجل توجيه الشباب والمتعلمين لهذا النوع التعليمي والتكويني، لا بد من إعلان إفلاس التعليم المدرسي والأكاديمي...
ليتم اخراج المخطط الاستعجالي وبيداغوجيا الإدماج اللذين ركزا على ضرورة تزويد المتمدرسين بالتعلمات الأساس فقط، أي ما هو ضروري لفك الرموز ، و التركيز على الكفايات الأساس ضاربين عرض الحائط الكفايات المستعرضة التي تكون شخصية الطفل وتمنح له مهارات التشخيص والتحليل والاستنباط والمقارنة والاختلاف والانتقاد وما إلى ذلك من الكفايات التي تجعل الانسان يكون شخصيته المستقلة، ويكفل له الإنتاج والابداع والابتكار، و هذا ما يقوم عليه الفكر الفلسفي.
هذا المسلسل سيستمر وسيتم طرحه بشكل مباشر في عهد الوزير السابق بلمختار عبر إدراج الباكالوريا المهنية، أو المسارات المهنية في التعليم، وكذا تشجيع حاملي الباكالوريا على التوجه للتكوين المهني، بدل التعليم الأكاديمي الجامعي، والتحفيز بصرف منح للطلبة الذين يختارون مراكز التكوين مباشرة بعد الباكالوريا دون الولوج إلى الجامعة.
وهنا إذن يطرح السؤال حول ما علاقة الفلسفة والتربية الدينية بالمسارات المهنية؟؟
فالذين يحتجون الآن على حذف دروس الفلسفة في الباكالوريا المهنية، وتعويضها بالتربية الإسلامية أو الفكر الاسلامي يدقون ناقوس الخطر.
فهذا الاستبدال الذي تبنته الحكومة في شخص السيد الوزير هو أمر منطقي بمفهومه التجاري و الإيديولوجي، لأن الاختيار الاقتصادي للبلاد لديها يرتكز على توطين الشركات العالمية كشركات صناعة أو تركيب السيارات، وشركات قطع الغيار والكابلاج، وشركات الطيران وهلم جرا... وهذه الشركات بحاجة ليد عاملة مؤهلة ورخيصة.
اليد العاملة المؤهلة يجب أن تمتلك نوعا محددا من المعارف التقنية وليس العلمية والفكرية، هي عبارة عن روبوتات لا تعارض الأوامر، ولا تبحث عن الحقوق و لا تحتج على التعسفات، وتنفذ التعليمات والأوامر، ولا تمتلك القدرة على الرد عليها لغويا ولا فكريا؛ تستقبل وتستهلك الخطاب ولا تنتجه.
و أهم طريقة لانتاج هذه الفئة من اليد العاملة، هو التكوين والتعليم المهني. ومن أجل توجيه الشباب والمتعلمين لهذا النوع التعليمي والتكويني، لا بد من إعلان إفلاس التعليم المدرسي والأكاديمي...
ليتم اخراج المخطط الاستعجالي وبيداغوجيا الإدماج اللذين ركزا على ضرورة تزويد المتمدرسين بالتعلمات الأساس فقط، أي ما هو ضروري لفك الرموز ، و التركيز على الكفايات الأساس ضاربين عرض الحائط الكفايات المستعرضة التي تكون شخصية الطفل وتمنح له مهارات التشخيص والتحليل والاستنباط والمقارنة والاختلاف والانتقاد وما إلى ذلك من الكفايات التي تجعل الانسان يكون شخصيته المستقلة، ويكفل له الإنتاج والابداع والابتكار، و هذا ما يقوم عليه الفكر الفلسفي.
هذا المسلسل سيستمر وسيتم طرحه بشكل مباشر في عهد الوزير السابق بلمختار عبر إدراج الباكالوريا المهنية، أو المسارات المهنية في التعليم، وكذا تشجيع حاملي الباكالوريا على التوجه للتكوين المهني، بدل التعليم الأكاديمي الجامعي، والتحفيز بصرف منح للطلبة الذين يختارون مراكز التكوين مباشرة بعد الباكالوريا دون الولوج إلى الجامعة.
وهنا إذن يطرح السؤال حول ما علاقة الفلسفة والتربية الدينية بالمسارات المهنية؟؟
فالتربية الدينية هي تربية على الطاعة والخنوع ومسايرة ولي الأمر سواء كان مشغلا أو مسؤولا عن العمل، و هي كذلك تربية على الانضباط واحترام الوقت بدءا بمواقيت الصلاة، وانتهاء باحترام مواقيت العمل والإنصات للمشغل والمسئول، وعدم اللغو والاحتجاج، "ومن لغا فلا عمل له".
وعلى عكس ذلك نجد ان مادة الفلسفة هي مادة تحفز العقل على التفكير، وهيمادة تربي المتعلم على البحث عن أصل الأشياء،و على طرح الأسئلة، و البحث عن الأفضل ومعانقة فكر الآخر والتشبث بالقيم الكونية، و هي كذلك تربية على نبذ الاستغلال وإيقافه والخروج للاحتجاج ضده...
ولهذا، فالصراع بين مادتي الفلسفة والتربية الإسلامية هو صراع بين فكر الخنوع و الرعية و بين فكر الانفتاح و المواطنة، فشتان بين أن تعمل لأن "العمل عبادة" تبتغي به الدار الآخرة وتكتفي بما يضمن لك العيش اليومي( التربية الإسلامية)، وأن تعمل حسب( الفلسفة )
لتعيش عصرك كمواطن لتحقق ذاتك وللتمتع بالحياة وتوفر لأبنائك وأسرتك تعليما جيدا و مناسبا..
إن مستقبل الأوطان يبنى على التخطيط العقلاني للمدى البعيد والاستراتيجيات توضع لتصحيح أخطاء وهفوات الماضي، لكن اللافت للنظر أن مهندسي كبح جماح الفكر المتنور والتوجه اليساري المتقدم لا ينظرون إلا إلى مصالحهم و يجترون بذلك اخطاء الأمس فلم يجدوا إلا تقزيم دور الفلسفة في التعليم العالي وتعويضها بالدراسات الإسلامية، وهي خطوة متهورة لم ولن تنتج سوى المزيد من المنظرين للفكر المتطرف.
إن مستقبل الأوطان يبنى على التخطيط العقلاني للمدى البعيد والاستراتيجيات توضع لتصحيح أخطاء وهفوات الماضي، لكن اللافت للنظر أن مهندسي كبح جماح الفكر المتنور والتوجه اليساري المتقدم لا ينظرون إلا إلى مصالحهم و يجترون بذلك اخطاء الأمس فلم يجدوا إلا تقزيم دور الفلسفة في التعليم العالي وتعويضها بالدراسات الإسلامية، وهي خطوة متهورة لم ولن تنتج سوى المزيد من المنظرين للفكر المتطرف.
محمد بودهكات، أستاذ التعليم بأكادير