الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

د. كمال الهشومي : الصراع مع من اليوم؟

د. كمال الهشومي : الصراع مع من اليوم؟

سؤال مهم يتردد علي كل لحظة حينما أطالع جريدة أو مواقع الكترونية حول مستجدات الواقع العمومي، وقد أرجع الأمر كمواطن عادي إلى حمى الانتخابات القريبة، لكن لا بد من التفسير سيما وأن الخطابات تتغير بسرعة كبيرة وتحتد حمولتها، وخاصة ما يرتبط بتقديم النموذج المثالي "للحاكم بأمر"، باسم الشعب أو ما يسمى بالانتخابات، فهناك من يقدم نفسه بأنه المنجي والمبعث الالهي لهذه البلاد وبدونه ستخرب ، والآخر يقدم نفسه المالك لدواليب وكواليس الحكم ورقاب المؤثرين في رؤوس الاموال وبالتالي في رقاب الضعفاء والضامن لمحاربة البعبع الأول ، والثالث يقدم نفسه الضحية المستهدف والنزيه البريء الذي تخلى على الكراسي خدمة لقضايا المجتمع ليكتشف بعد ذلك بأنه خرج خاوي الوفاض وبدأ يغازل من أراد أن يفشل تجربته بانسحابه وها هي رسائل الورود والمحبة منشورة عموديا وافقيا تعبيرا عن حسن النية (الندم) ، الرابع كذلك الثور الجريح الذي يأبى الخضوع أو أن يكون ملحقة لأحد لتاريخه وعذرية مناضليه فهو يحاور الجميع ومنفتح بجرأة لكن من يأمن لهم ليلا يخونونه فجرا، أما الآخر ذلك الذكي البرغماتي فهو متحين لكل الفرص ويخشى التقارب من بني جلدته..... أما الآخرون فهم أكيد مكملين ومنشطين، لهم القدرة الكبيرة على لعب دور الشيطان في التفاصيل للميل متى مال رأي أصحاب نعمتهم.
أمام هذه اللخبطة التي يمكن تجاوزا في نموذجنا أن نعتبرها من صميم اللعبة الديمقراطية أي يمكن أن نضع موقع المواطن اليوم ، فالمعروف لنا جميعا أيام العز النضالي الحقيقي، أن الصراع بين القوى الديمقراطية سابقا ونظام الحسن الثاني كان مركزه سؤال من يحكم؟، وأي نموذج للملكية نريد؟، وأي نموذج ديمقراطي لمجتمعنا؟.
واليوم بعد هذا التطور الذي عرفته بلادنا وترسيخ دور المؤسسة الملكية في عمق المجتمع المغربي، فإنه من الواضح أن الصراع البين للعيان هو ان التشبث بالمقاعد والمناصب أصبحت تشرع كل سلوك وتصرف، فالصراع اليوم هو صراع من أجل ترسيخ نظام ديمقراطي، حيث سيادة الحرية والحقوق وأساسا العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر، ومحاربة الأمية والتصدي لشريعة الفساد التي ترسخت في مختلف مناحي ودواليب المؤسسات بترسيخ دولة المؤسسات، دولة تسمو على كل الترتيبات الحزبية اللحظية المرتبطة بالانتخابات، الضامنة لتدبير الصراع الديمقراطي في صيغته السلمية، والمرجع والهوية هو المواطن بانتظاراته ومتطلباته، فالحذر كل الحذر من المساهمة في مزيد من نفور المواطن من العملية الديمقراطية، فصراعنا اليوم جميعا هو ضد الحكرة وضد اليأس وضد من يوهم المغاربة بأطروحات ومقاربات ذاتية وغير ديمقراطية.