الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: في استرجاع ذكرى التصويت المغبون بنعم للتعديل

مصطفى المنوزي: في استرجاع ذكرى التصويت المغبون بنعم للتعديل

هناك توضيح يفرض نفسه، فالملك في خطابه ل 9 مارس كان صريحا في اختزال عملية الإصلاح الدستوري في ادخال تعديلات على مقتضيات نص دستور 1996 الذي آل إليه من والده الحسن الثاني، ولذلك شكل لجنة استشارية للتعديل الدستوري وحدد لها 7 مبادئ لهذا التعديل، ونحن في منتدى الحقيقة والإنصاف تعاملنا مع العملية كاستجابة لما ورد في توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ،وتقدمنا أمام لجنة المنوني بمذكرة تعتمد الاصلاح من بوابة صك حقوق الإنسان وفقا للمعايير الكونية، ليخصص باب مستقل بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان ويشار في التصدير الى اقرار الدولة المدنية المغربية لمبدأ سمو القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على القانون الوطني.وقد ركزنا على أهمية هذه البوابة وطالبنا بأن يتم تسييد مقتضيات الباب المتعلق بها وإيلاؤه مكانة خاصة قبل مقتضيات السلطات توزيعها، واعتبرنا ضرورة فصل حقيقي للسلط وعلى الخصوص اعتبار القضاء سلطة ومستقل عن باقي السلطات. ولأن هذا التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان لن يكون كافيا دون التنصيص على تجريم انتهاكاته الى جانب تجريم الجرائم ضد الإنسانية. وقد طالبنا برفع القداسة عن المؤسسات والأشخاص واعتبار الجميع سواء أمام القانون... وفعلا اعتبرنا داخل المنتدى ومن خلال عملية تقديم مذكرتنا ،بأن هذا التعديل عبر صك الحقوق سوف يطهر الدستور المطلوب تعديله من مظاهر الإستبداد على أساس قاعدة "ممارسة المسؤولة مقرونة ومشروطة بالمحاسبة وفصل الإقتصاد والدين عن السياسة"، هذا المدخل الذي سيجعل المغاربة والدولة ينتقلان انتقالا من تعاقد سياسي كان يرتكز طوال عقود على مبدأ فصل السلط، إلى تعاقد إجتماعي يستند على دستور صك الحقوق، باعتبار الفاعلين السياسيين راكموا من الصراع لايمكن رأبه إلا عبر رد الإعتبار للحرية والكرامة ثم المساواة، وقد كانت مذكرتنا منسجمة مع مطلبنا الدائم واصرارنا على تنفيذ وتفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة والتي لم تنفذ منذ صدورها ومصادقة أعلى سلطة في البلاد عليها والتزامها بها، وقد أجرينا لقاءات تشاورية بصددها مع الفاعلين السياسيين وصناع القرار، ونظمنا مبادرات وتظاهرات تحسيسية باهمية هذه التوصيات كمدخل للاصلاح السياسي والدستوري والمؤسساتي والتشريعي، وآخرها المسيرة الوطنية ل31 أكتوبر 2010 التي نظمنا بشراكة مع حلفائنا في الصف الحقوقي... وكانت مسيرة ناجحة وللتماطل فاضحة. وفعلا تلقت منا اللجنة كل الملاحظات وعلى رأسها حرية المعتقد بارتباط مع الدولة المدنية وترسيخ فصل السلط والرقابة التبادلية والمضادة... وجاءت المسودة الأصلية بجل مقترحاتنا...  لكن وبعد "معارضة" وتهديد الإسلاميين والمحافظين بالتصويت السلبي، تم حذف بعض المقتضيات من المشروع وتم تعويضها بمقتضيات، ارتدت معها الإرادة السياسية وكذا روح والحكمة من التعديل عبر بوابة حقوق الإنسان كجسر للقطع مع دساتير الحسن الثاني الخمسة، الشيء الذي جعل التحول الى ملكية برلمانية معاقا، وهو الحل التوفبقي الإنتقالي الذي كان من المفروض أن يهذب من تنافر الملكية الوراثية مع الدمقراطية ،وصار موقفنا في المنتدى مشوبا بالحيرة الحقوقية ومطوقا بالغبن السياسي، لأن التغيير لم يحصل ولو من داخل بنية النظام،وتوقف مشروع موقفنا من الوثيقة المعدلة عند خلاصة مفتوحة نعم للتعديلات ولا للدستور السادس..... وعلى الدولة أن تطرح السؤال على المواطنات وعلى المواطنين كالاتي: هل توافق على مشروع التعديلات المدخلة على دستور 1996؟ لأن سؤال هل توافق على مشروع الدستور الجديد، سيدفع جميع من قاطع الدساتير السابقة أن يواصل مقاطعته، مادامت البنية لم تتغير بالتعديلات...؟