Wednesday 30 April 2025
سياسة

هل يتستر بنكيران على "دولة" لا يحكمها الملك؟

هل يتستر بنكيران على "دولة" لا يحكمها الملك؟

قبيل الانتخابات التشريعية التي مهدت لاحتلال حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى وتولي أمينه العام رئاسة الحكومة، قال عبد الإله بنكيران، في حوار على القناة الأولى، "إنه مستعد من الآن للمنصب". لكن تبين أنها مجرد "جبهة" أي بالدارجة "سنطيحة" وليست حقيقة باعتباره جيء به على حين غرة إلى ممارسة الحكم من خلال رئاسة الحكومة، وبالتالي لم يكن على علم بدواليب السلطة وكيف يتم اتخاذ القرارات.

بنكيران أظهر جهلا مطبقا بمفهوم الدولة. فلا هو يعرفها من حيث محدداتها الدستورية ولا هو يتعاطى معها كمفهوم سياسي بما هي رئاسة للدولة ومؤسسات للتشريع والتنفيذ والتحكيم والتسيير.

مع دخوله الحكومة اتضح للزعيم الإسلامي أن تدبير الشأن العام ليس نزهة ولكنه صناعة لا يتوفر هو على الأقل على "معاملها"، ولم يكن "يضرب" حساب الملفات الشائكة، ولا يتوفر على الأطر التي خبرت دواليب الدولة فوجد نفسه غير قادر على استيعاب هذه المستجدات، فحاول ويحاول التعويض عن هذا النقص من خلال إطلاق خطابات كبيرة ومن خلال التشكيك في المؤسسات.

وكي يكون فعالا وناجعا في هذه المهمة اختار خلط الأوراق. اليوم يقول بنكيران وأمام شبيبة حزبه "هناك دولة حقيقية يترأسها الملك وأخرى لا نعرف من أين تأتي بقراراتها". الدولة الأولى معروفة، ونريد أن نعرف الدولة الثانية؟ من يدير هذه الدولة وهل الملك لا يدري بوجودها ولم لا يبلغ بنكيران بوجودها؟

هذا التمييز الذي يقوم به بنكيران يستهدف من جهة تعويم الأمور، حتى يقول إنه إذا لم يكن لديه مشكل مع الدولة التي يترأسها الملك فإن الدولة المجهولة المصدر هي التي تعرقل شؤون الحكومة وبالتالي فإنه لم يفشل ولكن دولة العفاريت والتماسيح هي التي وضعت العصا في العجلة وهو غير مسؤول عن هذا الفشل.

يدعي بنكيران أنه لا يحكم وقال "لا تعتقدوا أننا نحكم. نحن حزب أمينه العام يترأس الحكومة فقط". بنكيران يفهم الحكم بمنطق "قياد" أيام زمان ولهذا قال بوجدة "عيطو للدولة". ولا نعرف هل الأمن بالنسبة لبنكيران من دولة الملك أم من دولة التماسيح والعفاريت؟

بنكيران يحكم ويحكم ويتحكم.

يتحكم بنكيران في رقاب وقوت 34 مليون مغربي. فهو من يقرر وله أغلبية برلمانية تمرر كل التشريعات التي يرغب فيها. وهو رئيس الحكومة، والوزراء هم الآمرون بالصرف يعني أن المال العام تحت تصرفه. والأمن تحت تصرفه بحكم الدستور الذي وضع كل الإدارات والمؤسسات تحت تصرف الحكومة وبحكم أن وزير الداخلية عضو في الحكومة التي يترأسها بنكيران.

بنكيران يقول إنه لا يحكم وهو الذي ألغى صندوق المقاصة يعني صندوق الفقراء وحرر أسعار المحروقات وترك المواطنين عرضة لالتهاب الأسعار. وبنكيران هو الذي أصدر المرسومين المتعلقين بالمتدربين حتى كاد يتسبب في أزمة.

ويبقى السؤال مطروحا: ما هي الدولة التي لا يحكمها الملك ولا تقع تحت تصرفه؟ هل هي دولة تحكمها مافيا الحشيش والمخدرات؟ هل هي دولة منسوبة إلى مقربين من الملك؟ هل هي دولة مستشاري الملك؟ هل هي دولة الهمة والعماري؟ عن أي دولة يتحدث؟

وما دمنا في دولة ديمقراطية فإن القضاء المستقل الذي لا يميز بين مواطن وآخر عليه أن يفتح تحقيقا مع بنكيران ليعرف ماهية الدولة المجهولة المصدر التي اعترف بنكيران بوجودها إلى جانب الدولة التي يترأسها الملك. ولو قال أي صحفي مثل هذا الكلام لفتحوا معه التحقيقات وليس التحقيق الواحد وقد يحصل له ما لا تحمد عقباه. إذن التحقيق مع بنكيران ضروري.

قبل أسابيع خضنا معركة مع الخارجية الأمريكية حول التقرير المفبرك حول حقوق الإنسان بالمغرب الذي تم تصديره بطريقة مريبة حول نظام الحكم بالمغرب. نعتقد أنه لم يعد من حقنا الاحتجاج على أي منظمة أجنبية تنتقد المغرب ما دام رئيس الحكومة يصرح بوجود دولة مجهولة المصدر هي التي تتخذ القرارات وتقوم حتى بالتعيينات.