الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

حيمري البشير: تعويضات الأرامل في المغرب وسياسة التضليل

حيمري البشير: تعويضات الأرامل في المغرب وسياسة التضليل

من الناس من غسل الحزب الحاكم دماغه، وأصبح يدافع بشراسة عن مشروعه ولا يأبه بالأرقام التي يستدل بها العقلاء في تشريح الوضع الاقتصادي المتردي. بالأمس، وعن طريق الصدفة، وجدت نفسي في نقاش مع أحد الأشخاص الذين، مع كامل الأسف، لا يفقه لا في السياسة ولا في الأرقام، يدافع بشراسة عن الحزب الحاكم، وينتقد بشدة كل الأحزاب السياسية التي تعاقبت على تسيير الشأن العام. وانحصر حقده، مع كامل الأسف عن جهل للتاريخ، على حزب القوات الشعبية الذي قدم قافلة من الشهداء من أجل أن يكون له الحق في التعبير. تحامل على الرموز التاريخيين وهو لا يعلم شيئا عما قدموه من تضحيات في سنوات الرصاص، ولا يعترف بقافلة الشهداء الذين سقطوا في سبيل الحرية والديمقراطية.. يجهل تاريخ الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي الذي أنقذ المغرب من السكتة القلبية، وساهم في الانتقال الديمقراطي، بل استطاع -وفي ظرف وجيز- القيام بإصلاحات اقتصادية مكنته من تخفيض الدين الخارجي إلى مستويات لم تكن متوقعة.. كما أنه، وبحكمته وسمعته الطيبة، استطاع إقناع أكثر من ثلاثين دولة بسحب اعترافها بالبوليزاريو، واستطاع أن يوطد علاقات المغرب مع العديد من الدول في أمريكا اللاتينية وآسيا.

قلت له بأن رئيس الحكومة الحالي بتصريحاته غير الموزونة هدم ما بناه الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي فيما يخص علاقاتنا مع العديد من الدول.. على سبيل المثال لا الحصر تصريحاته فيما يخص كولومبيا، وأساء لمؤسسة رئيس الحكومة عندما قال: هل تريدون أن يركب وزرائي سيارات "داسيا" عندما تعرض لانتقادات كبيرة من خصومه السياسيين ومن عامة الناس لما أمر بتغيير سيارات الوزراء بأحدث ما أنتجته شركة "مرسيدس".. تصريحه جعل مدير أكبر شركة في المغرب لصناعة السيارات ينتقد بقوة زلة لسان رئيس الحكومة ويخرج بتصريح لا يشجع على الاستثمار.

ذكرت جليسنا المغفل بحجم الديون الذي عاد للارتفاع في عهد هذه الحكومة، والذي بلغ فقط في ظرف وجيز حوالي تسع مليارات دولار، ثم تراجع الحكومة عن الحوار الاجتماعي، وعدم التزامها بمناقشة مشروع إصلاح منظومة التقاعد، ثم تعثر مسلسل إصلاح القضاء والتعليم الذي وصل إلى مستويات متدنية، وهذا بشهادة المنظمات الدولية.. صاحبنا الذي لا يفقه في السياسة يعتبر تعويض الأرامل الذي تحقق في عهد رئيس الحكومة الحالي إنجازا كبيرا، وهو لا يدري بأن إطلاق المشروع يندرج في إطار ما يسمع بشراء الذمم وحملة انتخابية قبل الأوان.. وتحدث عن الراميد وهو لا يعلم بأن المشروع تقرر في عهد الحكومة السابقة، والحكومة الحالية جاءت فقط لتنفد، ونسي الإكراهات التي تواجه مشروع التغطية الصحية..

نسي صاحبنا المشاريع الكبرى التي تحققت في عهد الحكومتين السابقتين: الطريق السيار، وميناء طنجة المتوسطي ومشروع التيجيفي..

نسي صاحبنا كذلك ما تعرض له أساتذة الغد من تنكيل في عهد وزير العدل والحريات البيجدي.. ونسي كذلك عدم الاستماع لمطالب الشارع المغربي للانخراط في محاربة اقتصاد الريع، والتي من بينها تقاعد النواب والوزراء..

ونسي صاحبنا كذلك أن رئيس الحكومة يتهرب باستمرار من ممارسة الصلاحيات التي أعطاها له دستور 2011...

ولتذكيره كذلك، لأنه لا يفقه في السياسة ولا يتابع ما يجري ولا يعرف مواقف حزب العدالة والتنمية السابقة إبان كان في المعارضة يتسابق من أجل انتزاع الحكم وبطرق لا ترقى للنقاش السياسي النزيه، هو لا يعرف مواقف الحزب من الملكية ولا البيعة كيف كانت بالأمس وبأشرطة موثقة وكيف تغيرت اليوم مائة وتسعون درجة لا لشيء سوى للمحافظة على الكرسي وتضليل المزيد من المغفلين.

نسي صاحبنا كذلك أن رئيس الحكومة الحالي يعرقل حق المشاركة السياسية لمغاربة العالم رغم أن دستور 2011 منحهم هذا الحق في الفصل السابع عشر.

هذا غيض من فيض.. وهذا نموذج للعديد من الذين يدافعون عن مشروع حزب العدالة والتنمية رغم أنه يقود المغرب للهاوية، والنتائج بدأت تظهر للعيان، تزايد حجم الدين الخارجي، تراجع في الاستثمار الخارجي، غليان في الشارع المغربي.. والأخطر الانتهاكات الخطيرة التي حصلت في عهد السيد عبد الإلاه بنكيران...