هل يمكن تصور علاقة بين وردة وكيس بلاستيك؟ طبعا هما لايلتقيان، فالأولى هي جزء حي من البيئة، أما البلاستيك فهو يقدم على أنه يشكل ضررا على البيئة، لكن ظهر يوم الإثنين 20 يونيو الجاري، كسر ادريس لشكر، الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي هذه المقولة، فهو لاينظر لذاك الكيس على أنه يشكل ضررا بالبيئة، بقدر ما ينظر إليه على أنه مورد رزق عشرات الآلاف من مهنيي قطاع البلاستيك، من ذاك الطفل الذي يستغل عطلته المدرسية لبيع الأكياس البلاستيكية، إلى صاحب المصنع الذي يؤدي ضرائب للدولة ويشغل العشرات من اليد العاملة والتي تعيل العشرات من الأسر..
ففي تجمع جماهيري، بالقاعة الرياضية لبلدية تيط مليل، حج المئات من المستخدمين في قطاع البلاستيك، ومن بينهم أرباب المصانع، في هذا اليوم توقفت بشكل مؤقت عجلة تصنيع الأكياس البلاستيكية، في أفق توقيفها بشكل نهائي يوم فاتح يوليوز 2016، كآخر أجل لمنع صنع الأكياس البلاستيكية وكذا استيرادها أو تصديرها أو حيازتها بغرض البيع أو بيعها أو توزيعها ولو بدون عوض، وأوكل هذا القانون تسجيل كل مخالفة له لضباط الشرطة القضائية، والاستعانة بأعوان السلطة العمومية، حيث أنزل عقوبة الغرامة على كل شخص صنع هذه الأكياس تتراوح بين 20 مليون و100 مليون سنتيم، وغرامة من مليون إلى 50 مليون سنتيم لكل شخص تم ضبطه حائزا لهذه الأكياس بغرض البيع أو التوزيع، أما المستعمل فهو أيضا يعاقب بين مليونين و10 ملايين سنتيم، إذا استعملها لأغراض غير موجهة إليها..
وأعلن ادريس لشكر في تجمع جماهيري جمعه مع تنسيقية مهنيي قطاع البلاستيك، أن حكومة بنكيران ستعدم أكثر من 50 ألف أسرة، بما يشكله كل مستخدم من إعالة لأسرته، "فقطع الارزاق أشد تأثيرا من قطع الأعناق، يقول الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، مضيفا، حتى في أحكام الإعدامات تراعى المناسبات الدينية، من قبيل شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، بل أحيانا تراعى ظرفية الدخول المدرسي، أما حكومة بنكيران، قررت تنفيذ عقوبة قطع أرزاق عشرات آلاف الأسر المغربية، دون مراعاة لهذا الشهر المبارك، بل واختارت أن تنغص على هؤلاء المواطنين الاحتفال بليلة دينية خير من ألف شهر، هي ليلة القدر التي تزامنت مع فاتح يوليوز، يوم إغلاق المصانع لأبوابها، وكأنها تريد تنغيص حياتهم، فكيف يمكن تصور عيد الفطر، بكل حمولته الدينية والاجتماعية بما يشكله أيضا من مناسبة لإدخال الفرح والسرور على الأطفال، وهم يرون آباءهم يضربون أخماسا في أسداس، بعد أن قررت حكومة بنكيران قطع أرزاقهم حتى تمر ثلاثة أيام من نونبر 2016، وهي مناسبة احتضان المغرب للمنتدى العالمي للبيئة، كوب 22، في ظروف حسنة، تمنح فيها نقاط للمغرب، بدعوى أنه منخرط في حماية البيئة، والحال أن دولا عظمى لها من الإمكانيات المادية الكبيرة مازالت تراوح مكانها في مجال محاربة الأكياس البلاستيكية، نموذج فرنسا، التي ماتزال تمنح للمصنعين آجالا زمنية لتدبير تحويل صناعتهم تجاوز 5 سنوات، والحال أن هذه الحكومة منحت المصنعين أقل من 6 أشهر، في الوقت الذي لم تتوقف عن تحصيل الضرائب من إنتاج تسعى للقضاء عليه وتشريد المستخدمين فيه، حيث بلغت السنة الماضية 24 مليار سنتيم، ".
واعتبر لشكر انخراط حزبه لمساندة هذه الفئة الاجتماعية، من باب الانخراط في هموم ومشاكل القوات الشعبية، "لانريد تسجيل نقط في أي جهة، نريد تحقيق العدالة الاجتماعية لهذه الفئة من المواطنين، وكان على الحكومة أن تبادر لأخذ رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من قرارها، فهو الكفيل بإعطاء تصور يتماشى وطبيعة عمله الاستشاري، وليس قطع أرزاق الآلاف من الأسر بجرة قلم، فالحماية الاجتماعية هي أولى من حماية البيئة، وإذا كانت الأكياس البلاستيكية تشكل خطرا على البيئة، فهناك صناعات أخرى بلاستيكية، أم أن الأكياس حرام والصناديق حلال؟"
كما طالب لشكر، بضرورة التدخل العاجل لوزارة الداخلية، وعدم الاكتفاء بتوجيه مراسلات للولاة والعمال، من أجل اتخاذ التدابير الكفيلة بتنفيذ القانون رقم 77/15، "فهل قامت هذه الوزارة بإحصاء دقيق للمقاولات التي تشغل الآلاف من المستخدمين؟ وهل أدركت عواقب هذه الإجراءات؟ إذا كان ما نسبته تقريبا 70 في المائة من المصنعين غير مهيكلين، فإن الدولة نجحت في احتضان مئات الآلاف من التجار غير المهيكلين ضمن ما يعرف بالباعة المتجولين، فهل ستفشل في وضع خطة لاحتضان صناع البلاستيك غير المهيكلين؟
بين فقرة وفقرة، كان المئات من المستخدمين وأرباب المصانع يهتفون للتنبيه لوضعيتهم الاجتماعية، التي يتهددها الانحباس المالي قبل الحديث عن الانحباس الحراري، ملتمسين من الملك محمد السادس، التدخل العاجل لوقف النزيف الاجتماعي الذي يتهددهم.
هو يوم 20 يونيو 2016، طبعا هو بعيد كل البعد عن يوم 20 يونيو 1981، لكن المشترك هو حضور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذا اليوم، أمس كان الحزب ضمن "المحرضين" على انتفاضة سمي شهداؤها بشهداء "كوميرة"، في دلالة على مطلب تحسين المعيشة، واليوم أكد عبد المقصود الراشدي، العضو القيادي في حزب عبد الرحيم بوعبيد، أن قضية البلاستيك ضمن القضايا الرئيسية لحزبه.