الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المانوزي:ضد امتصاص النقمة تجاه « فزاعة » الديموقراطية التشاركية

مصطفى المانوزي:ضد امتصاص النقمة تجاه « فزاعة » الديموقراطية التشاركية

كم من مرة انذرنا بعضنا البعض من كون الصفقة المبرمة بين الحزب الأغلبي وأجنحة داخل الدولة برعاية أجنبية ، لن تفيد المجتمع اللهم بمزيد من الالتفاف على النضالات وقمعها واحتواء كل المطالب والمستحقات والإجهاز على سابق المكتسبات ، وركزنا على أن الحكومة محافظة وستكون بالمرصاد لكل ما له علاقة بحقوق الإنسان والحريات والقيم الحداثية ، وقد كنا السباقين في المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف ، ان فضحنا هذه النوايا المبيتة ، بل إن الاستقالة التي تقدمنا بها كانت أكبر مؤشر ومنبه ، وما فضحنا لاحقا لصفقة لقانون حماية العسكر ، التي كانت بمثابة صك غفران للجلادين المفترضين ، فسخت بموجبه كل الالتزامات تجاه التسوية السياسية التي عنوانها وثمرتها توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، وما فضحنا لذلك ونضالنا من اجل ايقاف مفعول هاته الصفقة ، على الأقل في المادة السابعة من القانون السيء الذكر ، سوى تأكيد على صحة توقعاتنا ، وقد لامس المواطنون كيف أن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان قد تم ترتيبه في ذيل المخطط التشريعي من طرف الحكومة ، وبغض النظر عن دفاعنا المستميت عن تحصين مطلب الحق في التقدير بدل التركيز على حرية التعبير المجردة عن أخلاق العناية والاعتبار ، فإن « الحوار » الوطني لم يكن سوى مسرحية لربح الوقت والتمويه والتضليل ، مع العلم أن الحزب الأغلبي وحلفاؤه الحكوميين ، وكذا مسانديه المحافظين من داخل الدولة ، يعتبرون أن الديموقراطية التشاركية منافس قوي وشرس للديموقراطية التمثيلية ، وبالتالي فهي « سلاح » بيد قوى المجتمع المدني والحركات الاجتماعية لفرض تنازع حول صلاحيات واختصاصات المؤسسات الدستورية في العلاقة مع صناعة القرار السياسي والأمني ، والحال أننا نحرص دائما على القول بأن الديموقراطية التشاركية لن تكون بديلا عن التمثيلية ، فهي فرع مكمل لكل ما هو أصل ، وان كانت ستغطي بعض البياضات والنواقص في سياق التمرين الديموقراطي بحكم نسبة المشاركة السياسية الضعيفة .
لذا فإن المطلوب ليس فقط الخروج في مظاهرة للاحتجاج على هذا التدليس والغبن الممارس تجاه المواطنين والحركات الاجتماعية والحقوقية التي اختارت قنوات التعبير السلمي ، ولكن التحذير من كون هذا التحايل قد يتبب في تقويض ثقافة الحوار والتدبير السلمي للنزاعات ، مما يهدد بارتكاسات خطيرة وعودة واقع و رجال السكتة القلبية ، وهذا ما يستدعي مواصلة النضال ، ليست بخلفية الزمن الانتخابي ، ولكن بخلفية تعبئة الشباب من أجل مضاعفة نسبة المشاركة السياسية ، سواء خلال المحطات الاستحقاقية وسواء وبالأساس على امتداد الحياة العامة وبصفة يومية ، وهذا لن يتأتى إلا اذا تحررنا من نزعة الموسمية وانتهاج سياسة رد الفعل في زمن لا زالت السياسة تتحكم في الثقافة والفكر وتؤول استراتيجية النضال الديموقراطي إلى حركات فئوية محضة وبخلفيات تاكتيكية ، أوراقا للابتزاز العابر والضغط لأجل مقاصد انتخابوية ، وذلك تفاديا لتكرار الماضي الذي يحاول البعض استثمار فزاعته وله في ذلك مآرب أخرى ، وحتى يتم التعبير عن جدية المطلب ، لابد للدولة في شخص ممثلها الدستوري أن تعبر عن حسن نواياها تجاه ما يحصل للوطن ، في زمن تتهدد سيادته كل المؤامرات الخارجية ، ليس بالطمأنة المعنوية وحدها ولكن باجراءات عملية تؤشر لصلادة وتقوية الجبهة الداخلية و في سياق توليفي بين حقوق الأوطان وحقوق الإنسان ، فالحاجة ملحة لتصفية البيئة الحقوقية والأجواء السياسية ، ودونها فلن يكون سوى امتصاص للنقمة بتكريس الشعور باليأس والإحباط وتحفيز إرادة التمرد السلبي والتطرف .