الخميس 2 مايو 2024
سياسة

عزيز نداء: من هنا تستمد الدولة قوتها لا من مجتمع خنوع ومفكك

عزيز نداء: من هنا تستمد الدولة قوتها لا من مجتمع خنوع ومفكك عزيز نداء
أحالت جريدة " أنفاس بريس " أسئلتها على مجموعة من الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية حول الأزمة الاجتماعية المتشعبة التي يعيشها المجتمع المغربي، والعجز الحكومي البين في تدبير الاختلالات التي تعرفها مجموعة من القطاعات العمومية ، ينضاف إليها أزمة حوار اجتماعي متوقف في ظل هجوم كاسح على جيوب المواطنين وعلى حقوقه، وتنامي الحركات الاحتجاجية بالمغرب؟.
كيف تقرؤون هذه الوضعية المتأزمة أمام تجميد وتنويم الفاعل السياسي والنقابي التقدمي/ اليساري؟ ما هي انعكاسات ذلك على مستقبل العمل الحزبي والنقابي والحقوقي؟ كيف يمكن تدارك هذه التراجعات وإعادة الثقة في العمل السياسي والنقابي ؟ نبسط للقراء ورقة الفاعل المدني، الأستاذ عزيز نداء:
"هذه الأسئلة، هذا أوانها. فهل من إجابة فعلا دقيقة لو نحن نبقى داخل الحيز الزمني والسياسي الذي تطرحه هذه الاسئلة ؟ فهل من إجابات ضافية في ظل تفكير يتوقف عند الحكومة الحالية وآدائها ؟
لا أعتقد ذلك علما أن هذه الحكومة لم تفعل شيئا لتغيير مسار السياسات الاجتماعية التي ورثتها عن الحكومة السابقة، أو عن كل تلك التي. فالتردي المجتمعي والاجتماعي يجد جذوره في مراحل واختيارات سابقة .ونظر لشمولية الأزمة فما هو صحيح بالنسبة للحكومة هو كذلك صحيح بالنسبة للأحزاب والنقابات.
من جهة أخرى، يجب الإقرار بأن البحث العلمي وخاصة منه علم الاجتماع مغيب وصوته غير مسموع ولا دور له، لا في طرح الأسئلة وتدقيقها ولا في اقتراح السيناريوهات ومشاريع الحلول.وعليه وبصفة شخصية أرى على أن الوضع المغربي على كل المستويات، هو اليوم وضع محجوز بسبب الخلل القوي في موازين القوى بين الدولة والمجتمع.فالدولة استقوت كثيرا على المجتمع وأخضعته بطريقة جعلته مجتمعا سلبيا وعاجزا.وهذا يعود بضرر كبير جدا على المدى المتوسط على الدولة نفسها، ولقد بدأت مؤشرات هذا الأثر الخطير تظهر هنا وهناك.
ولعل العجز السلبي ليس هو فقط ما يتعلق بسلوك الافراد، بل كل الخطر هو في سلوك المجموعات والمؤسسات. فعلى لمستويات المهنية نرى أن أصحاب المهن لم تعد لهم علاقة أو ضوابط مهنية تحفظ المهنة وتُطوِّرها. بل الغالب الأعم اليوم هو الفوضى وغياب المعايير المهنية مما يحول حياة الناس وكل المجتمع لجحيم يومي ويضعف النسيج الاقتصادي والاجتماعي لتتكرس هُزالة عملية التنمية وتعثرها لأقصى حد.ما يصح على المهن يصح كذلك على التنظيمات النقابية والحزبية. إلا أن مسئوليات هذه المؤسسات أكبر بكثير من مسئوليات التنظيمات المهنية والحرفية وأكبر من مسئوليات الأسر مثلا.
ليس من حل جاهز أو سحري. كل ما يمكنني قوله هو أن على النخب التوقف عند الخلل واللاتوازن في علاقة الدولة بالمجتمع، والانطلاق في حركية جديدة نحو العودة للمجتمع وتقويته، وتقوية مؤسساته وأفراده.ففي العودة للمجتمع تتوفر عناصر نسج علاقة جديدة مع الدولة بعيدا عن الخوف والتملق لها، وبعيدا عن التعارض العبثي. بل لا بد من الجرأة في قول الحقائق عندما يتعلق الأمر بتوصيف وتحليل الواقع، وكذلك لا بد من البحث ضمن ما هو متوفر حاليا من إمكانيات على سبل جديدة للتعاون والتكامل مع مبادرات الدولة بغايت ترشيدها و تطويرها.
كل هذا على تواضعه، سيبقى مجرد أمنيات إذا ما استمر نظر الدولة لذاتها ولقوتها على ما هو عليه اليوم. قوة الدولة هي في مجتمع قوي،منتج ومبدع وليس في مجتمع خنوع ومفكك.