- خاطب الشاعر نزار قباني في أحد قصائده الجميلة حبيبته قائلا :
"كل ما أرجوه يا سيدتي، أن تحبيني قليلا، لا لشيء... إنما لكي أتحضر"...
وبالفعل فإن الحب والتحضر عنصران متلازمان ومتكاملان. ولأن معظمنا لم يعد يحب إلا نفسه ومصالحه، فإننا بدأنا نبتعد تدريجيا، وبسرعة، عن الحضارة والتحضر، وندخل عالم الفوضى والتشتت.
- يقول تولستوي: "لا يوجد إنسان ضعيف، بل يوجد إنسان يجهل موطن قوته".
منذ وقت طويل وأنا أعتبر أن الخلل فينا، وليس في الدولة أو الحكومة، التي تطبق سياستها بكل ثقة -حد الغرور أحيانا- وتعتبر أن لا أحد يستطيع مواجهة هذه السياسة، وإن كانت الغالبية العظمى من شعبنا، والتي تعتبر المتضرر الأول منها .
لذلك أعتقد أن علينا أن نكف عن الحديث عما وقع أو سيقع، أن نركز جهدنا وتفكيرنا فيما يجب عمله لكسب رهان التغيير الديمقراطي المنشود، خاصة وأننا في سنة انتخابية هامة جدا وحاسمة بالنسبة لمصير وطننا ومستقبل مواطنينا. فهل سنكسب الرهان؟ أتمنى ذلك ما دام الخلل فينا، وما دام بإمكاننا معالجته إذا نحن بحثنا عن موطن قوتنا واستعملناها بشكل صحيح .
- كلنا يشعر أن زمن المبادئ والقيم قد توارى إلى الخلف، وحل مكانه زمن التردي والانحطاط الذي طال كل شيء تقريبا، الثقافة والفن والسياسة والعلاقات الاجتماعية والذوق العام...
لذلك علينا أن نعيد بناء منظومة قيمنا من الأساس، أي من الطفل الذي يجب أن نوجه له كل اهتمامنا وكل رعايتنا بحثه على الاهتمام بالتاريخ وبالثقافة والفن، وبتحفيزه على القراءة والكتابة والتفكير، وألا نتركه عرضة لهذه الموجة الجارفة التي ستقضي على بصيص الأمل الذي نحيا من أجله، إذا نحن لم نتدارك الأمر قبل فوات الأوان .