الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد بن طاهر: مذبحة "أورلاندو" وكيف أضافت الدليل على أن الله هو الحب والإنسان شر

محمد بن طاهر: مذبحة "أورلاندو" وكيف أضافت الدليل على أن الله هو الحب والإنسان شر

تقول كريستين توبيرا: "أي شخص تحبه فذلك هو الحب. هذا الإحساس الأروع على وجه هذه الأرض. لذلك علينا مواصلة حب بعضنا البعض". ومع ذلك أبى الحادث المأساوي لمذبحة "أورلاندو" الأمريكية إلا أن يوقظ فتنة الإسلاموفوبيا الدفينة وسط أعماق الفكر الرجعي سواء كان ليمين متطرف أو إعلام محرك أو خبراء بلا خبرة.

والآن، بعد أن بدا الكل متفقا على عدم سماحة الإسلام مع المثلية الجنسية، دعونا نلقي نظرة على باقي الديانات من يهودية ومسيحية. إذ في كتاب "ليفيت" العبري نجد بأن العلاقة الحميمية بين رجل ورجل قدمت على أساس عمل شيطاني. وتم النهي عنها موضحا بأن أي اتصال بين رجل ورجل كما لو كان امرأة يوقع بالإثنين في خندق المدانين الواجب إهدار دمهما.

وبالنسبة للدين الإسلامي، تخبرنا سورة الأعراف في الآية 80 – 81 بقول الله: "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقومه أَتأتون الفاحشةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون". أما الأحاديث النبوية فتشدد على أن العلاقة الجنسية الوحيدة المقبولة شرعا، هي تلك التي تقام ما بين جنسين مختلفين. وبالتالي فإن أي لواط بين رجل وآخر يعد في موضع السلوك المقرف والشنيع، والجريمة البشعة. لأن اختلاف الجنس هو الكفيل بتحقيق المراد من العملية النكاحية، طالما أن الفرج هو المعد خلقيا للإنجاب وليس الشرج.

هذا في الوقت الذي ينظر إلى اللواط بين رجلين بخطورة أكثر من تلك الموجهة للزنا. مما يفسر اعتباره جريمة في أكثر البلدان ذات الأغلبية المسلمة. مقابل انخفاض النسبة بشأن سحاق النساء الذي لا يعدو أن يقترب توغله من نصف تلك البلدان ذات التقاليد الإسلامية. وذلك ما يعكس حقيقة رفض المجتمع للسحاقيات بدرجة أكبر من اللواطيين.

من جهتها، فرضت الديانة البوذية حظرا على أي نشاط جنسي في شعبتها الثالثة من جملة الثماني مبادئ المكونة لـ"سيلا" أو الفضيلة. ومن ثمة نخلص إلى أن الخطاب الرسمي للسلطات الدينية كان توافقيا من منطلق أن الدين حب، وأن الله حب.

وكما سبق أن قال صديقي يونس بنكيران، فإنه وعلى إثر أجواء الألم التي تعتصر عائلات القتلى والمصابين، لا يسعني سوى التعبير عن خالص تضامني وتعاطفي الكاملين معهم، إلى جانب تقديم أصدق عبارات العزاء والمواساة. كما أستغل المناسبة لإدانة أي عمل إرهابي يستهدف مدنيين أبرياء، وكذا هذا التمثل المتطرف للإسلام اللاإنساني والذي لا صلة له، رغبنا أم أبينا، بقيم الإسلام.

ومن جهة أخرى، أدعو جميع المسلمين والمسيحيين واليهود وغير المتدينين إلى مد جسور التآخي والمحبة فيما بينهم. وعدم إتاحة المواطنين الفرنسيين بالخصوص أدنى فرصة أمام عبدة الدم لممارسة تخصصهم في قتل المزيد من الضحايا. وطبعا، لن تكتمل غاية كل ما سبقت الدعوة إليه دون سهر الدولة الفرنسية على حفظ كرامة مواطنيها دون استثناء أو تمييز، كيفما كانت ديانتهم أو موطن أصلهم.