اعتبر تيار أولاد الشعب بالاتحاد الاشتراكي ما أقدمت عليه مؤسسة "المشروع"، التابعة لنفس الحزب، باستضافة بنكيران في أنشطتها الفكرية المسطرة، ليلة أمس بمقرها بأكدال بالرباط، بالخطوة المشبوهة. ولقيت الاستضافة احتجاجا تطور إلى اشتباك بالأيدي بين المنظمين وأعضاء التيار ونشطاء أخرين التحقوا بهم، حيث حاصر المحتجون بنكيران ومنعوه من الدخول رافعين شعار "لا لمحو ذاكرة حزب عبد الرحيم بوعييد والمهدي بنبركة وللقتلة المعنويين للشهيد عمر بنجلون".. وظل الوضع قائما لفترة ساعة، لولا استنجاد المنظمين بتعزيزات أمنية سمحت لبنكيران لولوج قاعة "المشروع".
"أنفاس بريس" توصلت من عبد المجيد مومر بنص "بيان رمضان" الصادر عن تيار اولاد الشعب الذي يرأسه، يستنكرون فيه ما حدث ويشرحون خلفيات "الاستضافة".. وجاء في البيان:
"إن المشروع الفكري يظل قوة الدفع التي لا استغناء عنها لتأطير كل فعل سياسي يساري يقصد تعزيز آليات تحليل الواقع وتفكيك موازين القوى وامتلاك القرارات الرزينة القادرة على بلورة البرنامج المجتمعي المشترك من باطن التنظيم الحزبي الجامع للتفاعلات الفكرية العميقة. وحيث أن هذا التنظيم المأمول ينطلق وجوده وجوبا من إنماء الوعي المعرفي لأن البنية التنظيمية ليست إلا دالة مشتقة تجسد المنحى العملي والميداني للفكرة المرجعية. فلابد من استنبات ثقافة تنظيمية تستند على قيم الديمقراطية والحداثة ترتكز على أسس الفكر الاتحادي اليساري من تحرير واشتراكية ديمقراطية. وقد سبق أن شكل النضال الاتحادي في سالف مراحله علامة فارقة وأنموذجا يساريا بليغا في نشر ثقافة التحرر والعطاء والتضحية والتسامح مع تغليب مصالح الوطن على مصالح الذات الحزبية.
وإذا كان حزب الاتحاد الاشتراكي يعيش اليوم على ضفة النقيض لكل ما سبق جرده، إلا أنه من الاستحالة تجاوز عمق المبدأ القاضي بضرورة التشبث بالأمل مع العمل وعدم الاستسلام لليأس أو التيئيس مهما تعددت مصادرهما. لذا يظل الاقتناع بإلزامية انتعاش المشروع الفكري داخل بنية العقل الاتحادي المدخل الكفيل لإعادة قراءة التجربة اليسارية الاتحادية وتنقيحها من شوائب المشاركة الحكومية التي أصابت البنية الحزبية بأمراض الانتهازية والتسيب وفوقهما الشلل الفكري الذي جعل المناضلات والمناضلين محاصرين بين الانبطاح التام لأجندة لوبيات المصالح الضيقة أو الركوع المذل أمام دوغمائية الحركات المؤدلجة للإسلام. وتبقى النتيجة الحتمية في الحالتين معا هي ضرب استقلالية القرار الحزبي ووأد الفكر الاتحادي المتنور بشكل جعل حزب الاتحاد الاشتراكي منفصلا عن حاضنته الثقافية وغارقا في مستنقع التنسيقات الانتخابوية دون قدرة على المصالحة مع هويته اليسارية وقواته الشعبية.
لذلك فالاتحاد كحركة مجتمعية أكبر من أن يسيطر عليه أفراد، كما أن استعمال سلاح التنظيم بهدف إخضاع الاتحاديات والاتحاديين وإجبارهم على القبول بهيمنة الزعيم الوحيد الذي يستخدم كافة الوسائل لتثبيت أركانه وتمرير قراراته في ضرب سافر للممارسة الديمقراطية بمعناها السليم. إن سلاح "التنظيم" بات مدخلا للمتسللين والمتربصين من الفاسدين والمفسدين الذين جعلوا من المنفعة الشخصية أساسا لكل شيء، ولعل تجربة ما يسمى "بمؤسسة المشروع" التي جعلت من الفكر وسيلة استرزاق جديدة من خلال استضافة المدعو بنكيران لتلقين أبناء مدرسة عمر المتنورة درسا في الحداثة والديمقراطية تجعلنا نطرح السؤال حول القيمة الفكرية المضافة التي سيفيدنا بها رئيس التيار الرجعي الكهنوتي خادم الأوليغارشية المستغلة؟، وعن أي مشروع عقلاني سيتحدث بوق التحجر والجمود؟، أم أن الصفقة ينطلق مقابلها من منح صكوك الغفران لرموز الابتزاز اللعين والتفضل على عشاق الريع الحكومي بقفة رمضان المليئة بالمناصب السامية !!!
إننا كشباب اتحادي نجدد التأكيد على أن العقل الاتحادي مدعو إلى تحقيق وثبة فكرية وتنظيمية تضمن مواكبة اللحظة المفصلية التي يعرفها مجتمعنا، عبر تجدد حداثي، يكون أساسه وضوح هوياتي من خلال بلورة خط سياسي يعتمد الفرز القيمي نهجا والديمقراطية ممارسة، هذا النهج هو الكفيل بمنح الفكرة الاتحادية حاضنة شبابية واعية ومسؤولة، تجعل الفضاء الحزبي مجالا للإبداع والتبادل المعطاء. فالفكرة الاتحادية هي أكبر من أن ترتهن بشخص أو بفئة، إنها مشروع فكري يتجدد عبر الأجيال.
ومنه نعلن عبر نداء رمضان للرأي العام ما يلي :
1- رفضنا المطلق لتحويل مؤسسة "المشروع" من بعدها الفكري العقلاني نحو موائد الإفطار الريعية الهادفة لعقد صفقات سياسية مشبوهة مع قتلة عمر بنجلون من خلال استضافة عراب الرجعية والسياسات اللاشعبية داخل المقر التاريخي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
2- تأكيدنا المستمر على صمودنا الموحد في فضح دراويش بنكيران المستنبتون داخل حزب المهدي وعمر وعبد الرحيم، هؤلاء الدراويش الذين جعلوا من مؤسسة "المشروع" سبيلا نحو التحالف الغير مشروع مع إخوان بنكيران.
3- تشبتنا المتضامن بحقنا المشروع في اتخاذ كل الأشكال النضالية التصعيدية لمواجهة هذا التطبيع المكشوف مع أحد القتلة المعنويين لمهندس استراتيجية النضال الديمقراطي بالمغرب ومؤسس الشبيبة الاتحادية فقيد المشروع الحداثي الشعبي عمر بنجلون، ونحمل مسؤولية أي انزلاقات قد تقع يوم حضور عراب الإخوان إلى مقر حزب القوات الشعبية إلى ادريس لشكر باعتباره المسؤول على تدبير ممتلكات حزب".