الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

عزيز خمريش: منهجية الحكومة في الإنكار والتضليل وفضيحة تفاوت "الزرورة" بين الطفل والعجل!؟

عزيز خمريش: منهجية الحكومة في الإنكار والتضليل وفضيحة تفاوت "الزرورة" بين الطفل والعجل!؟ د. عزيز خمريش (يمينا) وسعد الدين العثماني رئيس الحكومة

تتناسل الإصلاحات الحكومية هذه الأيام بوتيرة مذهلة، توهم الرأي العام أنها أوراش مفتوحة، قوامها الاستدامة وتحقيق الرفاه الاجتماعي والعيش الكريم.. لكن هل الإصلاح الحقيقي هو تحميل المواطن مسؤولية إفلاس السياسات العمومية في مجموعة من القطاعات منها الاقتطاعات الغاصبة من أجور الموظفين لإنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد من الغرق وبداية مسلسل خوصصة بعض القطاعات الاستراتيجية كالتعليم والصحة؟

فبعدما عجزت الحكومة وفشلت فشلا ذريعا في إخماد الحرائق والاستجابة لانتظارات المواطنين بانتهاج سياسة مكشوفة ومخدومة قوامها التضحية ببعض الوزراء في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، دون الحرص على قيام التوازن والتناسب بين المحاسب والمسؤول، وبعد إعفاء بعض الولاة والعمال بمقتضى قرارات ظالمة مفضوحة مشوبة بالشطط والتعسف في استعمال السلطة، والتي لم يعرها المواطن أدنى اهتمام، لكونها مجرد مسرحية هزلية مفبركة، ظاهرها التأديب، وباطنها إلهاء الراي العام عن قضاياه المصيرية، باعتبار أنها لم تحقق الأهداف المرسومة لها المتمثلة في إسكات أصوات المحتجين التي تنامت وتزايدت في مختلف مناطق المغرب... بدأ الترويج مؤخرا لتدابير وإجراءات تقشفية خطيرة ستعصف لا محالة بالقدرة الشرائية للمواطن وتدمير الطبقة المتوسطة التي تجسد صلب ومناعة الاقتصاد الوطني، حيث اعتمدت الحكومة في تبرير سياستها العرجاء المعطوبة على منطق الإنكار والتضليل:

1- منهجية الإنكار: أنكرت الحكومة بشكل فج مرتخي مترهل أن إجراءات تعويم الدرهم والتعاقد وإصلاح (تخريب) الصندوق المغربي للتقاعد، هي من اشتراطات وإملاءات المؤسسات المالية الدولية المانحة التي يهمها بالأساس ضمان التوازن المالي لاستخلاص ديونها والفوائد المترتبة عن التأخير في الأداء، لذلك فرضت على الدولة التخلص من صندوق المقاصة ورفع الدعم عن المحروقات وغاز البوطان، بالإضافة إلى بعض المواد الأكثر استهلاكا كالسكر والزيت.

2- سياسة التضليل: للاستمرار في التغليط والتدويخ، بدأ الترويج مؤخرا لما يسمى بالسجل الاجتماعي الموحد الذي يهدف إلى إحصاء الفقراء لتمكينهم من الدعم المباشر، إلا أن هذا الترقيم كان ينبغي أن ينصب بالتحديد على فئات الأغنياء كأقلية تستفيد من خيرات الوطن دون حسيب ولا رقيب، فمن يستورد طائرة خاصة أو يخت لا تجني من ورائه الدولة إلا عائدات مالية رمزية، أما كبار الفلاحين الذين استولوا على أراضي "صوديا" و"سوجيطا" لا زالوا يستفيدون من الإعفاءات الضريبية إلى يومنا هذا.. وبخصوص ملاك ضيعات الأبقار حينما يزداد عندهم عجل تمنحه الدولة (الزرورة) قيمتها المالية 3000 درهم للعجل الواحد، وحينما يزداد طفل مغربي يتم تكريمه بمبلغ مالي هزيل ومهين قيمته 200 درهم.

استخلاصا لذلك، دشنت الحكومة السابقة بقيادة عبد الإله بنكيران سياسة التخريب والتفقير بإقبار الحوار الاجتماعي وتحنيطه من خلال الزيادة في الأسعار وتجميد الأجور والتصريح علانية بأنه آن الأوان كي تتخلى الدولة عن قطاعي التعليم والصحة، لأن زعيم الحزب الأغلبي كان يطمح إلى التطبيع مع المخزن على حساب انتظارات المواطنين وكل تنازلاته لم تسعفه بذلك، بل أرغمته التماسيح والعفاريت دون أن يسميها على النزول والابتعاد عن العمل السياسي، ويبقى مسلسل الإجهاز على الحقوق والحريات مستمرا الا أن الشعوب لن تستسلم لقدرها، خاصة وأن السياسة المتبعة هي إدارة الأزمة لا حلها، والفكر هو تبرير الواقع لا تغييره، والدين أفيون الشعوب لا رافع لهمته.
- عزيز خمريش، رئيس  شعبة القانون العام  بكلية الحقوق سطات