إن القدر قد يكون نقمة أو نعمة، كما من المحتمل أن يبشرنا بخير أو ينذرنا بسوء. لكننا في قبائل آيت، وللأسف، لا نواجه ونتواجه سوى مع شر الأقدار وأسوئها، حتى أننا لا ندري كيف تم الإيقاع بقبائل في ذل مستنقع جردها من رداء العزة والكرامة، وهي التي سجل لها التاريخ حقها في الدفاع عن الوطن ومقاومة جميع أشكال الاستعمار من غير تنازل عن الحفاظ على أنفتها.
وفي الوقت الذي كان أملنا كبيرا في أن يسترجع هذا الجيل تلك الكرامة والعزة، وتعالت لأجل ذلك هتافات أبناء المدينة، مفتخرة بشباب توسمت فيه البديل القويم بعد أن ناصرته وشرفت شأنه، بدأ يظهر لنا جليا بأن من وكلوا علينا مجرد قوم ما شهدت لهم المدينة بحسن السيرة ونبل الأخلاق، بل ثبت بأن كل همهم هو التفاخر بأفخم السيارات، من غير أي اعتبار لواقع الساكنة التي أرهقها الفقر والحاجة.
لهذا، نتساءل كيف يضع رجل قبائل بأكملها في كفة وشبه أشخاص في كفة ثانية؟ وهو السؤال الذي ننتظر الإجابة عنه لما نتجرعه من تداعيات هذه المساواة الجائرة، والتي لا تستثني أحدا من ويلات تبعاتها.
أما الرجل الثاني فهو صاحب السيارة الرباعية الدفع ذات الترقيم الخاص الذي بدوره أهدى هذه السيارة لأقزام في المدينة يستعملونها لقضاء أغراض خاصة بلغت حد استغلالها في الحفلات. والأنكى أن سلوكهم هذا يمارس بمزيد العجرفة والكبرياء، وبما لا يطيقه أبناء المدينة. فكلا الرجلين مكنا أتباعهما من هاتين السيارتين للتماهي والتطاول أمام أنظار فقراء يئسوا من ضيق وشدة الزمان، الأمر الذي يفرض نصحهما بالعدول عن مسار هذا السبيل الذي هم سائرون فيه. سبيل يحمل من الذل وخنق الأنفاس أكثر ما يحمل من خدمة مصالح أبناء أهدوهم أصواتهم، والعناية بأوضاع قبائل يغزوها الفقر وينخرها التهميش.