الجمعة 17 مايو 2024
كتاب الرأي

عبدالرحمان العمراني:الوزراء والقرار السياسي

 
 
عبدالرحمان العمراني:الوزراء والقرار السياسي عبدالرحمان العمراني

وأنا أتابع ذلك الصخب الإعلامي الكبير الذي رافق انتظار ملء المناصب التي كانت شاغرة في التشكيلة الحكومية الحالية، ثم الكلام السيال من طرف نفس المنابر حول الكوروكيلام فيتاي للوزراء الجدد الذين  أخذوا مكانهم في التشكيلة، تساءلت، بصدق، هل للوزراء عندنا، فعلا، هذا الثقل السياسي، والاستقلال الفكري والمعنوي، والانغراس الحزبي، والكفاية الأيديولوجية، وأضيف إلى ذلك كله ، والكفاءة الفيبيرية  (نسبة إلى ماكس فيبر) أي العقلانية التدبيرية - هل لهم حقا  هذه الخاصيات التكوينية  حتى يكون  لانتظار استبدال وزير بآخر وكاتب دولة بآخر أمرا يدعو إلى انتظار توجهات  أخرى جديدة في القطاعات  المعنية أو حتى لمسات شخصية حاسمة و مؤثرة في التسيير والتدبير .؟

هل لنا، مثلا، أن ننتظر من وزير تعليم في ظل  التوازنات الدستورية والسياسية  الحالية أن يطلع بمشروع قانون من عندياته يذكرنا مثلا بقانون  savary سفاري في فرنسا .أو قانون جونستون Johnston في بريطانيا ؟

هل الوزراء عندنا - بعد نهاية  القوس الذي فتحته حكومة التناوب الأولى والحكومات الأولى التي أعقب الاستقلال مباشرة قبلها بأربعة عقود - هم حقا شخصيات سياسية وازنة  لهم تصورات ومشاريع وبرامج ينفذون ها وهم سادة قراراتهم أم أنهم في الواقع العملي صنف  آخر من الموظفين الكبار برتب إدارية استثنائية ليس إلا؟

يرتبط بهذا ويكمله سؤال آخر :

هل الوزراء عندنا وهم في المسؤولية الحكومية يمثلون فعلا  توجهات حزبية  اجتمعت على قاعدة عمل مشتركة تجعل الوزراء المنتمون إلى حزب معين حريصون  وبالقسطاس على أن لا يندمجوا في سياسات لا علاقة لها بما أقرته مؤتمراتهم الحزبية كما كان يفعل رئيس الليبراليين الديمقراطيين في حكومة كاميرون السابقة في بريطانيا فترة تحالف حزبه مع المحافظين بين 2011و2015؟ حيث كان واقفا بالمرصاد للمحافظين يراقب ويحاسب ويقارن بين القرارات المتخذة ومدى مطابقتها لمرجعيته الحزبية ؟

أشك في الأمر والدليل :

في الحكومة السابقة كل القرارات الصعبة واللاشعبية اتخذتها حكومة  ينتمي رئيسها إلى حزب قال إنه سيكون رحيما بأمة الفقراء .

واليوم في موضوع ما يروج حول إعادة النظر  بشكل ما في موضوع  المجانية في التعليم لا أحد من الوزراء المنتمين يدافع جهارا داخل المقرات الحزبية عن هذا التوجه، لكن في الاجتماعات الرسمية الكل يلوي لسانه تحت أسنانه ويترك الموقف المراد تمريره يشق طريقه بإصرار.

وأذن ماذا ولماذا انتظار جديد من وزراء جدد؟

وأذن أليس الأجدى أن يركز  كل هؤلاء "المحللون السياسيون " المفتونون فيما يظهر   بالحديث عن مواقع سلطة وشخصيات سلطة حيث لا توجد سلطة، أليس الأجدر بهم أن يبحثوا أين  تتخذ القرارات الحقيقية وكيف تتخذ وصولا إلى تقديم صورة ولو تقريبية عن مختبرات  اتخاذ القرار وطريقة اشتغالها منذ تم إجهاض تجربة التناوب الأولى قبل خمس عشرة سنة .