الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي:ما جدوى المناصفة إذا زاغ المطلب عن المصالحة مع المرأة و جوهر الإنصاف

مصطفى المنوزي:ما جدوى المناصفة إذا زاغ المطلب عن المصالحة مع المرأة و جوهر الإنصاف

جميل أن تنال المرأة حصة مهمة من اهتامامات الفاعلات والفاعلين في مجال السياسة وحقوق الإنسان ، لكن أن يسطو الطابع الفئوي على النضالات والاحتجاجات والتظاهرات ، فهذا من شأنه الالتفاف على استراتيجية النضال الديموقراطي وإفراغها من محتواها ، وبغض عن فشل أغلب القوى الديموقراطية في إرساء مقاربة النوع والمناصفة داخل الاجهزة القيادية للأحزاب ، فإنه يلاحظ بأن بعض الأحزاب التي تدعي الراديكالية والوفاء للتاريخ والالتزامات الوطنية في العلاقة مع الكفاح وبناء الديموقراطية ، لم تعد بنفس الحماس الذي كانت تحتفي به بالشهداء والشهيدات ، ولأن الأمر يستدعي التذكير بأن سنوات الرصاص خلفت ضحايا مباشرين وضحايا غير مباشرين ، وبذلك يظهر بالملموس تراخي هذه الأحزاب عن دعم ذوي حقوق الشهداء وكذا ضحايا سنوات الجمر ، فحتى الخطاب السياسي خلا من التذكر ، ليس لأن الجمهور الانتخابي « عايز كدة » ، ولكن بمعنى أنه تم تخوين كل من يطالب بحقوقه في العلاقة مع جبر الضرر الفردي بالتعويض أو الإدماج ، بدعوى عدم الاقتناع« سياسيا ومبدئيا » بجدوى الانخراط في « العدالة الانتقالية » ، هذه قناعة وجب احترامها وتقديرها ، لكن عندما انقضى الأجل المحدد من قبل هيأة الإنصاف والمصالحة لتلقي الطلبات ، تم اكتشاف أن عددا كبيرا من هؤلاء « القيادين » ومن في فلكهم قد دلسوا على « رفاقهم » من الضحايا وفوتوا عليهم الفرصة بالتخوين والتبخيس من شأن الحق في جبر الضرر ورد الاعتبار ، والأمر من ذلك أن بعض هؤلاء القياديين سامحهم الله ، قد تقدموا خلسة بطلبات التعويض والتسويات الإدارية ، خلسة ، ومما زاد الطين بلة أن نفرا من رفاق هؤلاء « القادة » يحركون هذه الأيام ورقة « ضحايا » خارج الأجل ، دون أن يرف لهم جفن ، ودون أن يعلنوا مسؤوليتهم فيما حصل من تفويت الفرصة على ضحايا ، هم أحوج منهم لما يسدون به رمقهم . 
نعود لموضوعنالنؤكد على أن القوى التقدمية لم ترافق ذوي حقوق الشهداء وقدماء المعتقلين السياسيين ، في الوقت الذي تستعملهم أوراقا لضخ نفس من حسن السيرة والمجد التاريخي ، لأغراض انتخابوية صرفة . فأين هو الدور الذي كانت تقوم به بعض الحرائر مثيلات مي فاما ، التي كانت تقطن جلبابها وتطوف بلوائح يتامى الشهداء عبر مؤسسات حرة في ملكية بعض الوطنيين والتقدميين ، وتعمل على تسجيلهم ، وأغلبهم يتوفق في الحصول على شواهد مدرسية وجامعية تؤهله للعمل والعيش بكرامة ، ومادام الأمر كذلك ، ومن أجل كسب هؤلاء المتخاذلون نوعا من التواب والغفران « الحقوقي » أدعوهم إلى إدماج وضعية الأرامل ويتامى الشهداء أو أحفادهم وحفيداتهم في مخططاتهم الإنسانية ، إن كانوا فعلا يملكون بعدا اجتماعيا في مقارباتهم التنموية أو هوياتهم الحزبية ، على الأقل بالنسبة لهؤلاء وتنك الضحايا القابعين في تخوم الأطلس وعمق سوس وأغوار الريف وهضاب الأقاليم الجنوبية .
صحيح ، نسبيا ، أن الأمر يقتضي فتح أجل جديد ولأن هذا من اختصاص أعلى سلطة في البلاد ، لأنها هي المعنية باتمام مسلسل الإنصاف والمصالحة ، فإن التعبئة لا يمكن أن تكون شأنا حقوقيا ، وانما شأنا مجمعيا أي سياسيا ، وما على الفاعلين السياسيين إلا أن يتنافسوا على مواقع صناعة القرار السياسي والتشريعي والمساهمة في بلورة السياسات الأمنية ، من أجل نيل شرف رد الاعتبار للمرأة المغربية التي ظلت سندا لزوجها وأبنائها ورفاقهم في المعتقلات والمنافي ، سواء في عهد الحماية أو وما بعده .