Friday 16 May 2025
خارج الحدود

هل تُركع نقابة "السي جي تي" الحكومة الفرنسية؟

هل تُركع نقابة "السي جي تي" الحكومة الفرنسية؟

هل تركع نقابة  الاتحاد العام للعمل "السي جي تي" الحكومة الفرنسية؟ هذا السؤال طرحته المعارضة  بالجمعية الوطنية بعد نفاد البنزين بالعديد من المناطق  وحتى داخل جزء من العاصمة، وأوقفت العديد من مصفاة البترول(6 من بين 8 موقفة عن العمل) بل ان نفس النقابة دعت الى إيقاف المحطات النووية التي تعتبر الشرايين الأساسي لإنتاج الكهرباء بفرنسا وكذلك تصديرها الى بلدان اخرى مثل المانيا حيث أعلنت ان 16 محطة من بين 19 التي تتوفر عليها فرنسا صوتت لصالح الاضراب. رد الوزير الأول الفرنسي مانييل فالس لم يتردد طويلا، وقال" ان سي جي تي،  ليس هي من يقوم بالقانون بفرنسا".طبعا الحكومة امام سلسلة الإضرابات التي مست قطاع النفط وشلت العديد من  القطاعات خاصة قطاع النفط والطاقة والخدمات بمنطقة النورموندي والبروتان بل ان ندرة الوقود بدأت تصل الى باريس حيث ان جزءا كبيرا من محطات الوقود مقفولة لعدم حصولها على حصتها من البنزين.وهذه الفوضى التي أحدثها الإضراب يمكن ان تضر بالاقتصاد الفرنسي الذي بدأ يتعافى تدريجيا ويخلق مناصب شغل جديدة لدورة الثانية هذه السنة. واعتبرت نقابة البترونا ان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر.بل ان المعارضة طالبت بتطبيق قانون اجبار المضربين على العمل لوقف الوضعية الحالية.وهو ما جعل هذه النقابة تحتل مكان المعارض الأول لقانون الشغل الجديد.

طبعا "السي جي تي" تريد أن تتخلى الحكومة على قانون الشغل الجديد "الخمري" من اجل وقف الإضرابات التي مست في الأسبوع الأخير عدة قطاعات خاصة النقل السككي والنقل العام والمترو بالإضافة الى قطاع الطاقة وتصفية البترول، حيث أن ست مصفات من بين ثمانية متوقفة كليا او جزئيا عن العمل، بالإضافة الى الموانئ وعدد من البواخر الحاملة للبترول تنتظر نهاية الإضراب.

الحكومة الفرنسية حتى الآن بينت عن نيتها في عدم  التراجع، ولتجاوز النقص الحاد في توزيع البنزين لجأت الى استعمال الاحتياط الاستراتيجي لفرنسا والذي يكفي لمائة يوم،وهو ما اعلن عنه الاتحاد الفرنسي لصناعات النفطية،بعد وقف مصافي النفط وتطويق مستودعات الوقود،هذا الاستعمال  وهو رسالة قوية الى النقابة الأولى بفرنسا والتي تسيطر على قطاع الطاقة والموانئ و الحكومة اختارت التمسك بقانون الشغل الجديد. وهو ما جعل " سي جي تي" تدعو إلى الإضراب بالمحطات النووية لإنتاج الكهرباء في خطوة ثانية من التصعيد. وهو ما يثير قلق الرأي العام ويزيد الضغط على الحكومة.

طبعا "السي جي تي" هي الأخرى باعتبارها النقابة الأولى بفرنسا لا يمكنها التراجع  عن سلسلة الإضرابات دون ان تحصل على شيء من الحكومة، هذه الأخيرة التي تنتظر ان ينقلب الرأي العام على النقابة  وهو الامر الذي بدأ يبرز في ردود فعل الرأي العام الفرنسي. خاصة ان النقابة الثانية بفرنسا" سي ايف دي تي"  قبلت بإصلاح قانون الشغل بل تدافع عن الإصلاح الجديد الذي اعتبرت انه يضم العديد من المكاسب التي هي في صالح العمال.وقال امينها العام لوران بيرجيي أن سحب تعديل القانون سيكون " أمرا غير مقبول".

اما اتحاد العام للعمل فقد اعلن على لسان امينه العام فليب مرتنيز "طلما ان الحكومة ترفض النقاش، هناك مخاطر بازدياد مخاطر التعبئة" وهو تهديد واضح للحكومة ثلاثة أسابيع قبل انطلاق كأس اوربا الذي تنظمه فرنسا.

طبعا هناك اجماع بفرنسا على ان نقابة السي جي تي تلعب بالنار من خلال التصعيد الاجتماعي واخذ الاقتصادي الفرنسي كرهينة في ظرف جد صعب على المستوى الاقتصادي خاصة ان باريس مازالت تعيش حالة الطوارئ ومازال التهديد الإرهابي قائما.

الجميع يتساءل بفرنسا كيف لنقابة ان تأخذ البلد كله رهينة لأنها غير متفقة على اصلاح قانون الشغل؟ وفرنسا أصبحت بلدا معروفا بصعوبة الاصلاح في أي قطاع وهو امر عاشته مختلف الحكومات سواء من اليمين اومن  اليسار والتي اضطرت الى التراجع امام قوة الاحتجاجات.والتاريخ  السياسي للحكومات ا المتعاقبة مليء بهذه التجارب التي اطاحت بها، نذكر منها فقط تراجع الان جيبي عن الإصلاحات التي أراد القيام بها وكذلك دومنيك دوفيلبان وحتى حكومة ساركوزي لم تتمكن من تنزيل كل الإصلاحات التي كانت ترغب فيها.

اغلبية فرنسوا هولند عاشت عدة امتحانات وفشلت في جزء منها مثل مشروع اسقاط الجنسية الذي كانت ترغب في دسترته، والذي قسم حتى الأغلبية نفسها ، قانون الشغل  الحالي لم يتم التصويت عليه بل تم اعتماده بمسطرة 49-3 دون عرضه على التصويت وهو ما جعل جزء من البرلمانيين الاشتراكيين يهددون باستعمال ملتمس الرقابة ضد الأغلبية التي ينتمون اليها وهو مازاد في تقسيم اليسار والحزب الحاكم. اليوم تعيش هذه الأغلبية اخر واكبر امتحان  قبل الانتخابات الرئاسية التي سوف تتم في اقل من سنة وهو مواجهة التحدي الذي تفرضه اكبر نقابة فرنسية والتي تهدد بإيقاف شرايين الاقتصاد وتركيع حكومة فرنسوا هولند الذي صرح انه لن يتراجع عن قانون الشغل الجديد.فهل تنجح النقابة في مسعاها وتجبر الحكومة على التراجع وهو ما يعني نهاية الأغلبية الحالية بزعامة فرنسوا هولند لفسح المجال لعودة اليمين أو ربما اليمين المتطرف.