السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

رضا فلاح: الشراكة الأورو ـ مغربية و لعبة القناع المزدوج

رضا فلاح: الشراكة الأورو ـ مغربية و لعبة القناع المزدوج رضا الفلاح

يسارع الاتحاد الأوروبي إلى البدء في مفاوضات تجديد اتفاقية الصيد البحري التي تربطه بالمغرب، و المنتهية في شهر يوليوز من السنة الجارية. و كما هو الحال في كل مرة يرتدي الاتحاد قناعين على المقاس لجني المكاسب الاقتصادية لبلدانه من جهة و الاستمرار في فرض وضع مجحف يمس سيادة المغرب على ثرواته البحرية من جهة ثانية.

 انكشفت و لم تعد تفاجئنا لعبة القناع المزدوج التي أضحى يتقنها الاتحاد الأوروبي، فمن غير المستغرب أن يلجأ مرة أخرى إلى أسلوب المساومة الناعمة عن طريق توظيف ورقة نزاع الصحراء سياسيا من أجل لي ذراع المغرب  و الجلوس في موقع المتغلب على طاولة التفاوض. نفس السيناريو يتكرر مع كل اتفاقية و في كل موقف يتقابل فيه الطرفان  إذ نقف متفرجين على توزيع محكم للأدوار بين المفوضية الأوروبية و محكمة العدل الأوروبية.

 ففي الوقت الذي تبدي فيه المفوضية حسن النوايا اتجاه المغرب و تنشر التقارير التي تشيد بتنفيذ اتفاق الصيد البحري و تبعث برسائل التبشير و الإغراء للطرف المغربي حول آفاق الاتفاق و تجميل آثاره اقتصاديا و اجتماعيا و تنمويا. تطل علينا من الخلف، و من دون مفاجأة هذه المرة محكمة العدل الأوروبية في شخص محاميها العام في رأي استشاري صادر صباح هذا اليوم يطعن في قانونية الاتفاق بدعوى بطلان سريانه على المياه الإقليمية للصحراء المغربية و عدم وجود آلية للحصول على موافقة السكان المعنيين على حد زعمه، مستندا لقرار محكمة العدل الأوروبية المتعلق بالاتفاقية الفلاحية بتاريخ 21 دجنبر 2016 - و الذي انتقدته بشدة حينذاك ـ.

 ينطوي هذا الرأي الاستشاري على كل المغالطات التي يروج لها البوليساريو و يتبنى تعليلات ملتوية و مغلفة برداء قانوني، بهدف تحجيم قدرة المملكة دبلوماسيا و سياسيا على تعديل بنود الاتفاقية وفقا لما تقتضيه مصالح مهنيي الصيد البحري، و ضرورة استدامة و عدم استنزاف الثروة السمكية بالمغرب.  بل الأخطر من ذلك فهو يستثني الإطار الجغرافي للصحراء المغربية برا و بحرا من حيز تنفيذ الاتفاقية. و بطبيعة الحال،  المحامي العام يتجاهل عن قصد كل التقارير الأوروبية التي تبرز أن أغلب المشاريع التي يمولها التعويض الأوروبي الهزيل ــ حوالي 34 مليون أورو سنويا في مقابل منح حقوق الصيد للبواخر الأوروبية ــ تستفيد منها الأقاليم الصحراوية.

لا نوجه  اللوم  للاتحاد الأوروبي الذي عرف ببراغميته، كيف يستغل نقطة الضعف لدى المملكة و نجح في مقايضتنا بتحريك حجرة ملف الصحراء في حذاء المغرب. بل علينا أولا أن نراجع سياسة الاسترضاء اللينة التي تنهجها الدولة حبا و طمعا في دعم سياسي هش و مخادع من الخارج تارة، و تماهيا مع لوبيات الداخل خدمة لمصالحها الخاصة الضيقة تارة أخرى.

 طالما استمر هذا النزاع المفتعل، و طالما لم نفهم لعبة القناع المزدوج لهؤلاء الشركاء التقليديين شمال المتوسط، سنبقى في موقع ضعف إزاءهم خاضعين لشروطهم في مقابل قدر ضئيل من العملة الصعبة التي لا وقع لها على المواطن المغربي الذي يئن تحت وطأة تآكل قدرته الشرائي.