الخميس 2 مايو 2024
سياسة

سعيد الصديقي: العالم كله يعارض قرار ترامب الذي جعل الإدارة الأمريكية في موقف معزول دوليا

سعيد الصديقي: العالم كله يعارض قرار ترامب الذي جعل الإدارة الأمريكية في موقف معزول دوليا سعيد الصديقي

يرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، أن على المغرب مسؤوليات كبيرة تجاه المدينة المقدسة، نظرا للعلاقات التاريخية التي تربط بين المغرب ومدينة القدس، بالإضافة إلى ترأسه للجنة القدس منذ إنشائها، مشيرا، في حديثه لـ " أنفاس بريس" بأن الوضع العربي المشتت سيعيق أي مبادرة رسمية لتوحيد موقف الدول العربية في هذا الوقت.

سارع المغرب الى استدعاء سفراء الدول الدائمة العضوية فيما يخص التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فكيف يمكن للمغرب استثمار دوره المحوري والإستراتيجي وعلاقاته بدول مجلس التعاون الخليجي وبدول إفريقيا وأووبا للضغط على الرئيس الأمريكي ترامب وفرض نوع من العزلة الدولية على قراره بالاعتراف بالقدس كعاصمة لـ " إسرائيل" ؟

 نظرا للعلاقات التاريخية التي تربط بين المغرب ومدينة القدس، بالإضافة إلى ترأسه للجنة القدس منذ إنشائها، فإن على المغرب مسؤوليات كبيرة تجاه هذه المدينة المقدسة. لكن الوضع العربي المشتت سيعيق أي مبادرة رسمية لتوحيد موقف الدول العربية في هذا الوقت، وسيجعل المغرب يوجه جهوده للرد على هذا القرار الأمريكي إما باتخاذ مواقف فردية في علاقاته بالولايات المتحدة، وقد يتفاعل بالإيجاب مع مبادرات دبلوماسية في إطار منظمة التعاون الإسلامي. أما على المستوى العربي، فلا يبدو لي أن الظروف ملائمة لنجاح أي تحرك دبلوماسي للمغرب ضد القرار الأمريكي، لاسيما وأن المغرب لم يكن يعطي اعتبارا لمؤتمرات الجامعة العربية خلال السنوات الأخيرة، لاقتناعه بعدم جدوى هذه المنظمة، وعجزها عن اتخاذ قرارات جادة بسبب الخلافات التي تمزق كيانها. لكن قد تضطر بعض الدول العربية إذا حدث ضغط شعبي كبير، إلى التجاوب ولو نسبيا مع هذا الضغط، والقيام بمبادرات لاتخاذ مواقف مشتركة.

اتخذ الإتحاد الأوروبي قرارا بعدم نقل سفارة أي بلد أوروبي الى القدس في غياب تسوية بين الطرفين، مارأيك ؟

في الحقيقة فالعالم كله يعارض هذا القرار الأمريكي الذي جعل الإدارة الأمريكية في موقف معزول دوليا. أما على المستوى الأوروبي، فيعتبر الاتحاد الأوروبي أحد المتدخلين الأساسيين في ما يسمى بعملية التسوية السياسة للصراع العربي الإسرائلي. ويعد عضوا أساسيا في اللجنة الدولية الرباعية المكلفة بمتابعة عملية السلام في الشرق الأوسط التي أنشئت في 2002. ورغم عدم قيام هذه اللجنة بأي دور مهم، إلا أنها أعطت للاتحاد الأوروبي مكانة في مسلسل التسوية. وترى دول الاتحاد الأوروبي، وأيضا الأمم المتحدة، أن وضع مدينة القدس ينبغي أن يكون جزءا من التسوية النهائية للقضية الفلسطينية، وأن هذا القرار الأمريكي من شأنه أن يقوض كل جهود التسوية التي بذلت خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وما يفسر أيضا موقف الاتحاد الأوربي الرافض لهذا القرار أنه اتخذ في وقت يشتعل فيه العالم العربي بالحروب والاضطراب، وتخشى هذه الدول المعارضة أن يزيد هذا القرار الأمريكي من تأزيم هذا الوضع الأمني، وقد تمتد تداعياته إلى خارج المنطقة العربية. ثم أن هذا القرار الذي اتخذ دون تشاور مع باقي القوى التي تشارك في الوساطة لحل القضية الفلسطينية مثل الاتحاد الأوربي وروسيا، ينظر إليه من قبل هذه الدول بمثابة تجسيد لغطرسة الرئيس الأمريكي الحالي، واستهانة بدورها ومكانتها في هذه القضية..

كيف تنظر الى دور المنظمات الإقليمية في حل الأزمة، وكيف يمكن استثمار العلاقات الاقتصادية والمالية للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية ؟

تشكل هذه المحطة امتحانا حقيقيا للحكام العرب والمسلمين، وهناك الكثير من وسائل الضغط السياسية والاقتصادية التي يمكن استعمالها ضد الولايات المتحدة، كما يمكن أيضا توظيف ورقة التعاون الأمني، لكن مع الأسف تفتقد الدول العربية، أو على الأقل أغلبها، إلى الإرادة لاتخاذ موقف حازم ضد أمريكا. المشكل لا يكمن في غياب الخيارات، بل في العجز وفقدان الإرادة. أما المنظمات الإقليمية العربية فإما مشلولة أو تنخرها الخلافات ولا تستطيع أن تعقد اجتماعات قمة ناجحة، وبالأحرى أن ترد بموقف موحد ضد هذا القرار الأمريكي. ومع ذلك يمكن أن يكون للقرارات الفردية للدول العربية والإسلامية في إطار علاقاتها الثنائية مع أمريكا تأثير ما على السياسة الخارجية لهذه الأخيرة حتى وإن لم تتخذ على المستوى الجماعي. وتبقى السلطة الفلسطينية هي صاحبة المسؤولية الكبرى، فهي التي ينبغي أن ترفع سقف رد الفعل الرسمي. . أما فيما يتعلق بإمكانية استعمال الوسائل الاقتصادية والمالية ضد أمريكا، فينبغي أن نميز بين حيازة هذه الوسائل وتأثيرها سياسيا. لا تكمن أهمية هذه الموارد في العلاقات الدولية في حيازتها المادية، بل في وجود إرادة لاستعمالها للتأثير على سلوك الآخرين لاسيما الدول الكبرى، وهذا ما تفتقده أغلب الدول العربية مع الأسف. أقصد استعمالها للضغط والتأثير، وليس للإرشاء وشراء الذمم.

ماذا عن  الدور التركي باعتبار تركيا رئيسة منظمة التعاون الإسلامي إذ يرى البعض أن دورها لم يرق الى الدور المحوري والإستراتيجي الذي قام به المغرب باعتباره رئيس لجنة القدس ؟

في الحقيقة رغم كل المواقف الرسمية المعبر عنها حتى الآن، فإنها لم ترق بعد إلى ما تفرضه المرحلة على كل الدول العربية والإسلامية من التزامات سياسية وتاريخية تجاه مدينة القدس سواء في إطار الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي. ورغم التشاؤم الذي يعم على المستوى الشعبي بسبب الشعور بالعجز والهوان، فإن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على جهود الدول والمنظمات تجاه هذا القرار الأمريكي، فالعبرة بالخواتم. لازلنا في مرحلة استيعاب الصدمة، وسننتظر كيف ستتفاعل الشعوب العربية مع هذا القرار، وكيف ستتجاوب معها الحكومات.