Saturday 26 April 2025
ONCF Voyages
سياسة

ترهيب السلطة قُبيل الانتخابات

ترهيب السلطة قُبيل الانتخابات

كنا قبل ثلاثة أيام خصصنا افتتاحية لوظائف الدولة وسلطانها، وحذرنا من انهيار سلطان الدولة لفائدة سلطان الشارع، الذي تتنازعه أهواء عديدة ويوجد فيه من التعطش للسلطة وإقامة أحكام خارجة عن القانون ما لا يوجد في غيره، ونتيجة لنفسية الحشود يصبح التسطيح سيد الموقف حيث تركب التيارات السياسية على غضب الشارع، الذي قد يكون أحيانا منطقيا وحقيقيا وناتجا عن تصرفات غير مقبولة ويكون في غالب الأحيان نتيجة للتجييش الذي تمارسه مجموعات مهيكلة.

يقول عالم الاجتماع السياسي البريطاني توم بوتومور "الأقلية المنظمة دائما تؤثر في الأغلبية غير المنظمة وإذا أرادت هذه الأخيرة تنظيم نفسها تخلق أقلية أخرى". هناك اليوم أقليات شغلها الشاغل صناعة مواقف غير حقيقية خدمة لأهداف سياسية وأخرى غير سياسية، والمؤسف أن الذي يستغل كل هذه الحملات هي الكتائب الإلكترونية التابعة للأحزاب السياسية.

في أيام متقاربة جرت حملة ضد رجال السلطة. وحتى نكون واضحين ودقيقين، ليس هناك ما يدين رجال السلطة، الذين تم نشر أشرطة تخصهم أو تم تنظيم مسيرات احتجاجية ضد هذا القائد لأنه تسبب في موت سيدة أو قضايا أخرى، وليس هناك ما يبرئهم. يعني أن القائد ليس ملاكا وليس شيطانا، فهو منا ومن هذا الجسد تعتريه كافة أمراضه وصحته.

موقفنا من هذه القضية أوضحناه في الافتتاحية السابقة وركزنا على أنه لا يمكن الحكم بناء على وقائع غير قانونية، سواء تعلق الأمر بتسجيل شريط بشكل يجرمه القانون، أو تسجيل شهادات لإدانة هذا القائد أو ذاك، ولسنا اليوم في وارد تكرار موقفنا، ولكن نريد أن نبحث عن السر وراء الحملة المكثفة ضد رجال السلطة الترابية؟ لماذا في هذا الوقت بالذات؟ هل لذلك علاقة بالاستحقاقات الانتخابية؟ وما الغرض منها؟ من يريد زعزعة الثقة في رجل السلطة؟ هل تسعى بعض الأحزاب إلى ترهيب وتخويف السلطة الترابية حتى يتم إخضاعها قبيل الانتخابات؟

الثابت أن الحملة تتزامن مع مناقشة القوانين الانتخابية، حيث لم يبق لموعد الانتخابات التشريعية سوى بضعة أشهر، ومن هنا نرى أن الحملة ليست بريئة. لنفترض مع أصحاب الحملة أن الحالات المذكورة فيها تورط لرجال السلطة. ولنفترض أنهم مذنبون. مجرد افتراض من باب المنطق الإلزامي. فهل هذه الحالات تقتضي إدانة مؤسسة كاملة؟

وهناك سؤال محير جدا: هل القائد مكلف فقط بمراقبة البناء العشوائي والأسواق التي تم وضعها بشكل فوضوي؟

من مهام القائد الإدارة الترابية والسهر على النظام والأمن العام، ويقوم بمهام مساعدة المجالس المنتخبة في شؤونها الإدارية ويقوم بدور ضابط الشرطة القضائية وضابط احتياط يمكن استدعاؤه للحرب ومراقبة الفضاء العام وتنفيذ المقتضيات القانونية ومراقبة حركات الإرهابيين ومراقبة الجريمة المنظمة والسهر على الضوابط العامة للصحة ناهيك عن تسليم الشهادات الإدارية للمواطنين.

خلال الانتخابات السابقة أظهرت المؤسسة الترابية صرامة في مراقبة الانتخابات وذلك بشهادة الأحزاب السياسية، غير أن هذه الصرامة تضر كائنات انتخابية موجودة في كافة التشكيلات السياسية. لهذا نعتقد أنه على مقربة من الانتخابات بدأت الحملة ضد رجال السلطة بمباركة أحزاب سياسية، حيث وضعهم حزب عتيق على صدر صفحته الأولى، والهدف هو ترهيب السلطة حتى تتراجع إلى الخلف كي تُفسح المجال "للانتخابيين" للقيام بـ "شغلهم".