السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: وجهة نظر لفائدة القانون

مصطفى المنوزي: وجهة نظر لفائدة القانون مصطفى المنوزي


بعد تثمين روح الإنضباط والإلتزام التعاقدي للحوار القانوني داخل دواليب صناعة القرار الحزبي؛ يشرفني أن أساهم بوجهة نظري لفائدة القانون كمظهر للروح الديمقراطية.

لقد سبق وأن أشرت في مقال سابق إلى أن أي تعديل للقانون الأساسي يهم الصلاحيات ومدة الولاية لا يطبق بأثر رجعي، وقد يطبق بأثر فوري إذا تعلق بإجراء الملاءمة مع تشريع جديد أو دستور جديد، بغض النظر عن كون التعديلات، خاصة وفق قانون الأحزاب الذي يتماهى فيه التصريح مع الترخيص، التعديلات تظل رهن عدم اعتراض وزارة الداخلية، وهي بذلك لا تنطبق إلا بعد انصرام أجل تعرض الوزارة الوصية أو صيرورة الحكم  ذي الصلة مكتسبا لقوة الشيء المقضى به.

وقد بادر المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية إلى تدارس التعديل كنقطة في جدول أعمال الدورة، و تمت المصادقة على عدم تعديل  المادة 16، وبذلك صار القرار ملزما للحزب برمته، ولا يمكن التراجع عنه سوى باحترام مبدأ توازي الشكليات، ليطرح سؤال إمكانية التراجع عنه في المؤتمر الوطني، وفي هذا قيل الكثير عن عدم صلاحية المجلس الوطني للبت في إجراء التعديل، لكن وجب التوضيح بأن نقاش الصلاحية لم يعد له محل بعد تداول النقطة داخل المجلس الوطني وبعد المصادقة على إدراجه كنقطة في جدول الأعمال، وهو قرار لم يغير أي مقتضى بل حافظ على نفس المراكز القانونية، ليطرح سؤال مسطري: هل من حق  المؤتمر إلغاء القرار، وما قد يستتبع ذلك من ضرورة طرح سؤال الصلاحية من زاوية من له  الصفة والمصلحة؟ وهل يحق لمن صوتوا  للتعديل أن يطعنوا وكيف؟ وأمام أية هيأة؟ 

فإذا كان جليا أن المؤتمر هو صاحب الصلاحية والإختصاص لتعديل القوانين ألأساسية والأنظمة الداخلية، فإن المؤتمر ليست له صلاحية استقبال الطعون ضد قرارات لم تغير ماديا أي مركز قانوني ولم تمس بالتالي بأي نظام، مما يعني أن المصلحة في الطعن غير قائمة، ويمكن القول أن المجلس الوطني والحالة هاته لم يتطاول على اختصاصات المؤتمر، والعكس هو الذي كان سيحصل لو أن المجلس الوطني صادق على التمديد مادام القرار إيجابي وغير مراكز قانونية، بما فيها لو صوت المجلس الوطني على حرمان الوزراء من عضوية الأمانة العامة (كمكتب سياسي)، ولنفترض أن من حق المؤتمر إعادة مناقشة النقطة أمام المؤتمر الوطني للحزب، فما هي المسطرة المفترض سلوكها؟

أعتقد أن المؤتمر غير مؤهل، كما سبق التوضيح، للبت في الطعن ضد قرار عدم التعديل لأنه سلبي ولم يغير مركز، ولكن هل هو مؤهل لنقاش نقطة حسم فيها المجلس الوطني وهو أعلى هيأة تقريرية  وتنظيمية بين المؤتمرين، فرغم أن المؤتمر الوطني هو أعلى هيأة تقريرية في الحزب؛ فإنه لا يناقش أية نقطة لم ترد، اتفاقا وتعاقدا، ضمن جدول أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر؛ لذلك وجب الرجوع إلى  مقتضيات لجنة القوانين  لتبين إن كانت التعديل قد أحيل عليها كنقطة، وحتى في هذه الحالة  يطرح سؤال عل من حق لجنة القوانين أن تواصل النقاش حول التعديل وهي أمام قرار كمانع قانوني، مما يعيد طرح سؤال: من سيطرح التعديل في جدول أعمال المؤتمر، بغض النظر عن من تعود له صلاحية ومسطرة تحديد جدول أعمال المؤتمر الوطني العادي ؛ مع التشديد على أنه لا يعقل مواجهة مداولة المجلس الوطني، إلا أمام القضاء، فهو ليس طرفا دخيلا على الحزب، بل إنه برلمان الحزب وهو المسؤول القانوني والتنظيمي والسياسي والتوجيهي للحزب، ولا يمكن لقاعدة أن المؤتمر سيد نفسه إلا  أن تنطبق وفقا لضوابط قانونية ومسطرية، ولا يمكن أن تشتغل خارجها. لتبقى الخلاصة أنه بإمكان المؤتمر تعديل القوانين والأنظمة ولكن وفق جدول أعمال محدد مسبقا، وفي جميع الحالات لن يطبق ولن يستفيد من مقتضياته إلا النخبة القيادية التي ستنبثق عن المؤتمر الوطني، بعد استنفاذ كافة إمكانية الطعن من قبل السلطة العمومية.