السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد العزيز قراقي: لماذا يجب التخوف من الاعتداء على الأستاذ؟

عبد العزيز قراقي: لماذا يجب التخوف من الاعتداء على الأستاذ؟ عبد العزيز قراقي

استفزني واستوقفني مليا مشهد تلاميذ في مناطق متعددة اعتدوا أو يعتدون بأشكال مختلفة على أساتذة.. لن أفعل مثل من يتقمص دور القاضي ويبحث، حيث لا يجب، عمن هو الظالم ومن هي الضحية.. ولن أكتفي بالاستنكار وليد اللحظة الذي سرعان ما قد يلين عندما يتطوع البعض ليذكر بأن دخول تلميذ معتد السجن سيهدد مستقبله وسيحوله إلى منحرف.. ولن أتبنى موقف المجتمع المدني في بعض المناطق الذي هب للوقوف إلى جانب أسر التلاميذ، وسعى إلى محاولة الصلح بين الأستاذ وبين التلميذ، وكأن الأمر يخص تلميذين اعتدى أحدهما على الآخر، وإن كنت أتفهم دور الفاعل المدني.. ولكن أظن أن الأمر يستدعي من الجميع التوقف مطولا وإبداء بعض الملاحظات:

أولا: لقد تكرر الأمر وفِي مناطق متعددة، مما يمكن اعتباره اليوم ظاهرة تستدعي التدخل على مستويات متعددة؛

ثانيا: قد تكون الظاهرة امتدادا للعنف ضد الأصول الذي قد يحدث بعيدا، وتحيط به السرية، وقد لا تغطيه وسائل الإعلام؛

ثالثا: نمتلك على مستوى التراث، الكثير مما يحث على احترام الأستاذ وتبجيله، وهو ما لم يمنع من وقوع ما حدث، مما يتطلب طرح أسئلة كبرى حول منظومة قيمنا ومدى قدرتها على تحقيق التوازن والانسجام للمجتمع؛

رابعا: يعتبر الأستاذ سلطة قائمة الذات، بل هو السلطة الثانية بعد تلك التي تشكلها الأسرة أي إنه حلقة ضمن سلسلة ممتدة من السلطات داخل المجتمع تصل في نهاية المطاف إلى السلطة السياسية، وبذلك فإن الاعتداء على الأستاذ قد يمهد لرفض سلطة الشرطي وسلطة القاضي...

خامسا: إن الاعتداء على الأستاذ معناه تجاوز منطق القانون والمؤسسات، حيث يستعاض باستعمال العنف عن التقدم بشكاوى ضد الأستاذ المخالف للضوابط  أمام الإدارة ، أو حتى أمام القضاء ، مما يعني أنه مستقبلا قد تمس مقولة جوهرية ترتكز عليها الدولة الحديثة، وهي حكم  القانون .

صحيح أن القضاء تدخل بسرعة وتعاطى مع هذه الأحداث بما يفرضه القانون، ولكن لابد من أن تقوم مؤسسات أخرى بالتفكير مليا في الظاهرة.. فلماذا لا يعقد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مثلا دورة استثنائية تنصب فقط على دراسة هذا الموضوع؟