السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

لماذا يتسابق المغاربة على "حاجة فابور"؟ (مع فيديو)

لماذا يتسابق المغاربة على "حاجة فابور"؟  (مع فيديو)

حتى وإن كانت الظاهرة تتعاظم بشكل رهيب خلال المناسبات الاحتفالية، مانحة الانطباع وكأن البلد على حافة اللحظات السابقة لوقوع كارثة طبيعية أو أزمة مجاعة، فإن مَشاهد التسابق لاقتناء ما يلزم وما لا يلزم بشكل هستيري في مجتمعنا، تكاد لا يخلو منها يوم من أيام السنة، ولا تمر ساعة دون تسجيل ذلك الصراع الخفي بين المواطنين ليكون كل واحد منهم صاحب الأولوية في الحصول على حاجياته، بل وبما يفوقها بكثير على الرغم من أن كمية المنتوج تنطق بكفايتها لأضعاف طالبيها. الأمر الذي ينعكس في صور مشابهة تمتد إلى سيناريوهات ركوب الحافلات، وولوج الإدارات والملاعب ودور السينما، وغيرها من الفضاءات المرقمة الأماكن أحيانا.

ولعل ما يحدث بمناسبة احتفال بعض الأسواق الكبرى من تهافت على "الكَراتيس" المجاني، يثبت صحة القول، ويؤكد حجم المشكل الذي مازال يعانيه مجتمعنا على مستوى التنظيم. الأمر الذي يحيل على أن الخلفية لا يتحملها الفقر كما قد يبدو، ومن خلال أيضا فاجعة الصويرة، وإنما لعقلية أبت إلا أن تلهت وراء "حاجة فابور" وإن لم يعوزها ضيق الحال.

ومن هنا، حيث أشغال "الترامواي" الجارية في مقطع شارعي "الفداء" و "محمد السادس" بمدينة الدار البيضاء. كانت بداية جولة جريدة "أنفاس بريس" بين أصوات الباعة التي لا تعلو عليها سوى أصوات منبهات السيارات و"الطاكسيات" تحديدا، أما حشد الزبائن فتلك رؤية عصية عن الوصف. الكل يهيم في حمل شعار "أنا أو لا أحد"، محدثا أزمة معادلتية لأبرع علماء الاقتصاد المتفقين على تدني القدرة الشرائية لدى المواطن البسيط.

ومن غير الدخول في متاهات هذا التحليل المتشابك الدوافع والخلفيات، كان اللقاء بكريمة، البالغة 37 سنة، التي حصرت سبب قدومها إلى سوق "كراج علال" في رغبة شراء ما يلزم ابنيها من أدوات مدرسية، وعند سؤالها عما إذا كان بالإمكان بلوغ الغاية ذاتها حيث محل سكنها بمنطقة سيدي معروف، أجابت بالإيجاب، قبل أن تستدرك بكون في الأمر تكلفة إضافية تفوق بكثير ما هو منتظر صرفه بهذا الفضاء، مضيفة بأن "حتى المدرسة الخصوصية اللي كيقراو فيها كتقترح علينا اقتناء أدواتها، لكن بأثمنة خيالية. هادشي علاش كنفضل نستحمل هاد الزحام في سبيل توفير بعض عشرات الدراهم".

وليست كريمة الوحيدة ذات الخلفية ذاتها، وإنما مصطفى، البالغ 51 سنة، كذلك، الذي أبدى مسبقا استياءه من تلك الفورة في التسوق، والتي يعترف أيضا إسهامه فيها. لكن "ما عندنا ما نديرو. الوقت كيزحمنا من جهة، وضيق ذات اليد كيزيرنا من جهة أخرى"، مردفا بأن الجميع يعي هذه العادة غير المستحبة في اقتحام الأسواق خلال الدقيقة 90، لكن لكل ظروفه القاهرة التي تدفعه إلى ذلك السلوك دفعا.

وفي الوقت الذي أبانت هاتين الشهادتين عن حالتين من آلاف الحالات المشابهة، كانت هناك شهادات أخرى تخفي من ورائها حيثيات تتباين من حيث منبعها، وإن كانت جميعها تجتمع حول انطباع دخولنا فصول عجاف، لن يجد فيها الآباء والأولياء بعد اليوم دفترا ولا قلما ولا محفظة.

(رابط الفيديو هنا)