الأربعاء 27 نوفمبر 2024
اقتصاد

ميناء بوجدور وصمة عار في جبين وزير التجهيز

ميناء بوجدور وصمة عار في جبين وزير التجهيز

ما معنى أن تدخل ميناء مدينة ما ولا تجد أي مقر لمصالح الدولة الخارجية المعنية بهذه الوحدة الاقتصادية أو حتى مرافق صحية، كما لو كان الميناء أرضا بدون سيد. مناسبة هذا الكلام هو الزيارة التي قامت بها "أنفاس بريس" لميناء الصيد البحري بمدينة بوجدور، في إطار القافلة الإعلامية للموانئ الجنوبية، التي تنضمها مؤسسة "المغرب الأزرق".

حيث وقفت "أنفاس بريس" على بشاعة الجريمة المرتكبة في حق ساكنة المدينة ومهنيي قطاع الصيد البحري، من طرف وزارة التجهيز والنقل باعتبارها الجهة الحكومية المشرفة على الموانئ الوطنية، وهي التي تتحمل كامل المسؤولية في غياب مقرات للإدارات المتدخلة في عمل الميناء كالجمارك والشرطة والدرك البحري... وتوفير البنيات التحتية التي يحتاجها البحَّارة العاملين في قطاع الصيد البحري والذين يشتغلون في أزيد من 900 مركب صيد تقليدي والعشرات من مراكب الصيد الساحلي.

فرغم أن الميناء مر على تدشينه ثلاثة سنوات وكلف خزينة الدولة 400 مليون درهم، ويحتل المرتبة الرابعة  في إنتاج السمك بأكثر من 42 ألف طن وضخ في خزينة وزارة الصيد البحري، 283 مليون درهم خلال سنة 2015، إلا أن كل هذا لم يشفع له كي تلتقطه رادارات الوزارة الوصية.لأنه ما فائدة إحداث موانئ لصيد البحري بدون تجهيزها ببنيات تحتية تسهل عمل القطاعات الحكومية المعنية، وتضمن كرامة المهنيين العاملين به؟.

سؤال أشهره في وجهنا عدد من مهنيي القطاع، وأكده  لـ"أنفاس بريس" رضوان زرهوني، عضو غرفة الصيد الأطلسية الجنوبية، الذي أعطى صورة سوداء عن مشاكل ميناء بوجدور، مشددا على أن الميناء يفتقر لجميع المرافق الضرورية رغم أنه  يشتغل منذ ثلاثة سنوات ويحقق مداخيل من قطاع الصيد البحري.

وأضاف محاورنا قائلا: "لا يعقل أن نحدث ميناء بمواصفات حديثة ولا توجد فيه مقرات إدارية للقطاعات الحكومية التي يجب أن تتواجد فيه كمقر الأمن الوطني، والدرك البحري، والجمارك وإدارة الموانئ، بل للأسف ميناء حديث ولا تتواجد فيه مراحيض عمومية".

وبنبرة غاضبة تعبر عن معاناة طويلة، وبعد أن استجمع  أنفاسه، تحدث الزرهوني، الذي يشغل كذلك نائب رئيس جمعية مفتاح الخير للصيد التقليدي قائلا: "كيف يعقل أن يضم الميناء أكثر من 700 مركب للصيد التقليدي ويرتفع العدد إلى 900 مركب في وقت صيد الأخطبوط، ولا يجد أرباب هذه المراكب مستودعات لتخزين أدوات الصيد؟، نحن كمهنيين كنّا دائما ندق ناقوس الخطر أمام الجهات الوصية عن الميناء ونسلط الضوء على المشاكل الذتي تخبط فيها".

ويرى نائب رئيس جمعية مفتاح الخير، أن من أهم المشاكل التي يكتوي بنارها العاملون في قطاع  الصيد التقليدي ببوجدور، هو غياب إدارة للضمان الاجتماعي بالمدينة رغم أن عدد البحَّارة المنخرطين في صندوق الضمان الاجتماعي يتجاوز عددهم 6000 منخرط ونشكل 93 في المائة من انخراطات بحارة الصيد التقليدي في الأقاليم الجنوبية، حيث تحتل بوجدور المرتبة الأولى على الصعيد الوطني، الأمر الذي يضطر معه بحارة بوجدور التوجه إلى مدينة العيون لقضاء مصالحهم المرتبطة بهذا الصندوق في ضرب صارخ لمبدأ تقريب الإدارة من المواطنين.

نفس الأمر مرتبط بإدارة الجمارك - يضيف الزرهوني-  إذ من المفروض على أكثر من 2000 مركب للصيد التقليدي أن يتوجه أصحابها إلى العيون لإعداد الوثائق الضرورية لصيد الأمر الذي يتقل كاهل المهني بمصاريف إضافية هو محتاج إليها، مما جعلنا كمهنيين نصاب  بنوع من الإحباط واليأس إذ لا يستقيم مع منطق أن تمر ثلاثة سنوات عن بناء ميناء بوجدور ومازال هذا الميناء يفتقد لأبسط المرافق التي يحتاجها الصيادة.

المهنيون رموا الكرة في ملعب وزارة الصيد البحري محملينها المسؤلية كذلك في تعميق جراح ومشاكل قطاع الصيد البحري بالمدينة الذي يعد النشاط الاقتصادي الأهم بها، من خلال فشلها في إنجاح مشروع القرى النموذجية التي أعطت انطلاقته وزارة الصيد وأنفقت عليه أموال طائلة.

فمثلا تعيش القرية النموذجية "أفتيسات" بالجماعة القروية الجريفية وضعا كارثيا يؤكد بالملموس أن الوزارة الوصية لم تنجح لحد الساعة في تجاوز اختلالات هذا المشروع، وهو ما أكده بعض المهنيين لـ"نفاس بريس"، قائلا: "الجماعة القروية الجريفية تجني أكثر من 400 مليون سنتيم من قرية الصيد أفتيسات، ولا تنفق عليها شيء يذكر لدرجة أن الصيادين يضطرون لاقتناء برميل ماء بمبلغ مائة درهم للبرميل".

ورغم التحديات والمعاناة تحقق قرية الصيد رقم مداخيل سنوي من عائدات الصيد التقليدي يتجاوز 10 مليار سنتيم، وهو مبلغ لا يحققه ميناء طرفاية الذي يتوفر على تجهيزات حديثة. تقول مصادر "أنفاس بريس".

ومن جهته، لم  ينف صلاح الدين الراشيدي، المندوب الإقليمي لوزارة الصيد ببوجدور، وجود صعوبات داخل الميناء مبرزا خلال اللقاء الإعلامي مع أعضاء القافلة الإعلامية التي تنظمها مؤسسة المغرب الأزرق ومهنيي قطاع الصيد البحري، ووزارة الاتصال، أن المشكل الكبير الذي يعانيه الميناء أنه لحد الآن لا يتوفر على إدارات خاصة بسلطات المراقبة من قبيل الجمارك، والبحرية الملكية، والدرك البحري، وكذلك السلطات المحلية، لاعتبار أن لهم دور مهم جدا، مضيفا رغم أن الميناء يحتل المرتبة الرابعة على الصعيد الوطني على مستوى تفريغات الأسماك وقيمة المنتوجات البحرية، إلا أن  وجود 760 قارب صيد تقليدي داخله، تشكل نقطة سوداء وخطر على المرسى لعدم وجود محلات لتخزين البنزين، لهذا "نجد هناك مطالب لتسريع وثيرة بناء ناقلات البنزين".

استغل صلاح الدين الراشيدي، المندوب الإقليمي لوزارة الصيد ببوجدور، المناسبة كي يبرز بعض إشراقات ميناء بوجدور، في السنوات الأولى من الشروع في استغلاله، معتبرا أن إنتاج السمك خلال سنة 2015 بلغ 42 ألف طن بقيمة مالية وصلت حوالي 283 مليون درهم، مشيرا إلى أن حجم الاستثمار بالميناء الجديد بوجدور الذي تم افتتاحه سنة 2013 بلغ 400 مليون درهم، بينما إحداث المنطقة الصناعية بلغ حجم استثمارها بـ 80 مليون درهم، لكن حاليا وصلت إلى 83 مليون درهم، فيما بلغت كلفة إحداث مركز للتكوين البحري 12 مليون درهم، موضحا بأن ميناء بوجدور يحتل المرتبة الرابعة بعد الداخلة والعيون وطانطان.

وكشف المندوب الإقليمي أن الميناء يسجل أعلى نسبة من انخراط بحارة الصيد التقليدي بالمدينة في الضمان الاجتماعي بنسبة 93 في المائة، كما  أن قوارب الصيد التقليدي بميناء بوجدور تحتل المرتبة الأولى على الصعيد الوطني من حيث التغطية الصحية، وكذلك المرتبة الأولى على الصعيد الوطني في عملية إبحار، مبرزا أن اقتصاد مدينة بوجدور مبني على الاقتصاد البحري، فهو يشغل حوالي 9 آلاف منصب شغل مباشر وغير مباشر موزع على الصناعات الحرة وتجارة السمك (الصيد على السواحل والصدفيات ومجموعة من الأنشطة الموازية).

وكشف المتحدث نفسه أنه تم توزيع 100 قارب على 100 مستفيد من شباب المنطقة الذين يوجدون في حالة بطالة باستثمار مالي وصلت قيمته 12 مليون درهم، وذلك من خلال مساهمات وشراكات ما بين قطاع الصيد، والمكتب الوطني للصيد البحري، ووكالة تنمية الجنوب، ومكتب التشغيل، والتكوين المهني. وذلك في إطار برنامج "تكوين إدماج". و أن كل مستفيد تلقى تكوينا بمعهد المهن البحرية بقيمة مالية بلغت 150 ألف درهم، ملفتا إلى أن ميناء بوجدور الوحيد الذي يتوفر على الإنقاذ البحري بوجود فريق يتنقل عبر زوارق الإنقاذ في كل نقطة صيد من أجل تقديم المساعدة في حالة حدوث عطل ميكانيكي في عرض البحر.