الأحد 28 إبريل 2024
مجتمع

صالح التامك: هذه يدي ممدودة لكم لبحث صيغ تشغيل 76 ألف سجين

صالح التامك: هذه يدي ممدودة لكم لبحث صيغ تشغيل 76 ألف سجين

"إنه تعديل لطيف لعقوبة الأشغال الشاقة لتي تصاحب الأحكام القضائية في بعض الدول". هكذا علق أحد الظرفاء، على اليوم الدراسي الذي تحتضنه مدينة الرباط تحت عنوان "تشغيل السجناء: آلية أساسية لتهييئهم لإعادة الإدماج"، والمنظم من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، ووزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وللاتحاد العام لمقاولات المغرب.

كل هذه الأطراف اجتمعت من أجل تفكير جماعي بشأن وضعية السجناء الاجتماعية، وفي هذا الصدد أكد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون، أن هذا اليوم الدراسي يندرج ضمن السياسات العمومية للتشغيل في علاقتها بمحاربة الهشاشة وضمان شروط ولوج الشباب والمرأة لسوق الشغل على وجه الخصوص. مثمنا "التفاعل الإيجابي لهذه الأطراف بأهمية الموضوع، والاهتمام المسؤول والجاد بوضعية السجناء وبظروف اعتقالهم، كما يكرس اقتناعا مشتركا بأولوية تدبير قطاع السجون في اطار المسؤولية المشتركة، وفي اطار تظافر وتكثيف الجهود وملاءمة البرامج الاصلاحية بالسجون مع البرامج والمعايير المعتمدة وطنيا".

مؤكدا أن هذه الندوة تمثل مكونا مهما من مكونات الاستراتيجية الجديدة للمندوبية العامة في مجال تهيئ السجناء للإدماج.

"فخلافا لبرامج التكوين المهني والتعليم، التي يتم إخضاع الاستفادة منها لشروط نظامية يتعذر على عدد هام من الساكنة السجنية التوفر عليها، فإن التشغيل يعد الآلية التي تتيح استفادة اكبر عدد من السجناء، وهو ما يتأكد في اطار التجارب المقارنة، ليس فقط بفعل عدم ربط الاستفادة منه في مجمله بتوفر المرشحين على شروط محددة، وانما أيضا لما يتيحه من مجال اوسع لتأهيل السجناء وتكوينهم في مهن وحرف لا تتطلب في غالب الاحيان مستويات تعليمية كبرى، وتساعدهم على اكتساب مهارات في مجالات انتاجية تأهلهم للاندماج في سوق الشغل بعد الافراج. هذا بالإضافة إلى أنه يساعدهم خلال مرحلة الاعتقال على إبراز قدراتهم على مستوى تحمل المسؤولية واحترام الضوابط. كما يساعدهم على تلبية حاجياتهم سواء الشخصية أو الأسرية".

وتحدث التامك كون "القانون المنظم للسجون، وان كان المشرع قد ضمنه مقتضيات تفسح المجال لتشغيل السجناء وفق شروط معينة، بما في ذلك تشغيلهم من طرف القطاع الخاص بناء على امتياز وبموجب اتفاقية  ادارية تحدد شروط التشغيل والأجر المستحق، فإن هذه المقتضيات غير دقيقة وغير شاملة بما يكفي لمعالجة الإشكاليات المتصلة بالموضوع والتي يمكن عرض البعض منها على النحو التالي :

- هل يمكن اعتبار تشغيل السجناء حقا من حقوقهم الأساسية أم واجبا تفرضه الإدارة على السجين تحت طائلة التأديب عند الرفض ؟

- هل من الممكن ملاءمة ضوابط تشغيل السجناء بالمؤسسات السجنية مع جميع مقتضيات قانون الشغل المعمول بها وطنيا، أم أن الأمر يتطلب اعتماد مقتضيات خاصة تأخذ بعين الاعتبار الاكراهات المتصلة بالوضعية القانونية للسجين وبالسجن في حد ذاته كفضاء مغلق لسلب للحرية ؟

- كيف يمكن تحديد علاقة المشغل بالسجين، وهل بإمكانه ابرام عقود مع المشغل أم ان الأمر يتطلب ابرام اتفاقية مع ادارة المؤسسة، وعقود التزام من طرف السجين مع الإدارة، وكيف السبيل الى حل المنازعات المحتملة بين السجين والمشغل ؟

- كيف يمكن تشغيل السجناء بالمؤسسات السجنية من طرف القطاع الخاص في اطار يحترم التنافسية، من جهة، والمصلحة الاجتماعية للسجناء، من جهة ثانية؟ وما السبيل الى تفعيله دون أن تشكل اليد العاملة من السجناء حافزا مستقطبا لإحداث وحدات انتاجية داخل السجن ودون الوقوع في منطق الاستغلال.

- هل يمكن اعمال تفتيش لبرنامج تشغيل السجناء بالمؤسسات السجنية في اطار مقتضيات قانون الشغل أم أن الأمر يتطلب اعمال ملاءمة قانونية أو احداث جهاز خاص بهذه العملية؟

- ماذا عن الحقوق والحماية الاجتماعية للسجناء المشغلين من طرف القطاع الخاص بالمؤسسات السجنية، خاصة فيما يتعلق بمدة العمل، الراحة الأسبوعية، التقاعد، الأجر المستحق، رخص المرض، التجمع، فقدان الشغل، وهي عناصر تستدعي التفكير مليا حول ايجاد الإطار القانوني والتنظيمي الذي يكفل الحفاظ على الحقوق الأساسية للسجين و يراعي وضعيته القانونية وكذا خصوصية الفضاء السجني والإكراهات الأمنية المتصلة به.

- كيف يمكن بلورة اطار تنظيمي وقانوني لتشغيل السجناء داخل المؤسسات السجنية يكفل ترسيخ الأهداف الادماجية من التشغيل، ويأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم على المستوى الدراسي، والوضعية الجنائية، ومدى قدرتهم على تحمل المسؤولية، واحترام الضوابط؟

- ما هي القوانين التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اقتراح مقتضيات قانونية خاصة بتشغيل السجناء داخل المؤسسات السجنية؟ هل هي فقط القوانين المنظمة للسجون وقانون الشغل، أم أن الأمر يتطلب ادراج قوانين أخرى من الواجب استحضارها في هذه العملية؟".

ودعا المندوب العام لإدارة السجون، كل الشركاء المنظمين، إلى التفكير في إعداد مذكرة تفاهم بين الشركاء المنظمين تنص على آلية يسند اليها مهمة دراسة المقترحات والتوصيات بالإضافة الى توسيع نطاق التشاور وتبادل الخبرات مع كافة الفعاليات المعنية والمهتمة لبلورة إطار قانوني وتنظيمي يمكن من إرساء الأسس السليمة لانطلاق برنامج تشغيل السجناء، واحاطته بالضمانات الكفيلة بتفعيله في احترام تام للحقوق والمصالح الاجتماعية ، وفي اطار ما يكفل تهيئ السجناء للإدماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بعد الإفراج بشكل سليم وفعال".