الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

حيمري البشير: لا للنفاق السياسي في تعامل مجلس الجالية والحكومة تجاه مغاربة العالم

حيمري البشير: لا للنفاق السياسي في تعامل مجلس الجالية والحكومة تجاه مغاربة العالم

من حين لآخر يخرج الأستاذ عبد الله بوصوف أمين مجلس الجالية بتصريحات نارية منتقدا سياسة الحكومة الحالية في علاقتها مع مغاربة العالم واستمرارها في تهميش الكفاءات، لكن في الحقيقة نلمس شيئا من النفاق السياسي في تعامل الطرفين معا تجاه مغاربة العالم، بل هناك صراع طاحن بين جميع المؤسسات المسؤولة عن  تدبير ملف الهجرة.. وكما يقول المثل المغربي (كلها يلغى بلغاه). الكل يسعى من خلال سياسات معينة اهتمامه بالقضايا التي تشغل بال مغاربة العالم في أمور عدة، وترتفع وتيرة اهتمامهم في الصيف أو عند وقوع أحداث يتورط فيها شباب من أصول مغربية.

في الحقيقة، وهذا رأيي الشخصي، لا حكومة ولا برلمان ولا أحزاب ولا مؤسسات الهجرة تعطي قيمة للرأس المال البشري في الداخل وعسى في الخارج، ويبقى الجدل السياسي بين مؤسسات عدة يظهر ويختفي.

لقد سئمنا من نقاش سياسي عن هوية مفقودة وعن إسلام سياسي وعن تطرف وإقصاء وعن عنصرية في كل مجال الحياة وعن سياسة التحكم التي ترفعها كل جهة، فلا حكومة تعير الاهتمام بالكفاءات بالخارج، وأكبر دليل التعيينات في المناصب العليا والمناصب الدبلوماسية الأخيرة.

فلا حكومة بإمكانها الوفاء بالتزاماتها وتفعيل فصول الدستور ولا مجلس الجالية قادر على رد الاعتبار لمغاربة العالم  برفع الرأي الاستشاري لأعلى سلطة في البلاد لإلزام الحكومة بهذه القرارات.

أتساءل، ويشاطرني موقفي العديد من المهتمين، عن كيفية تصحيح صورة المغربي الملطخة في العديد من الدول كان آخرها هجرة العديد من الشباب وطلبهم اللجوء كسوريين وإحراق العلم المغربي لمجموعة في مليلية وادعاء آخرين بأنهم مثليين ومعرضين للاضطهاد في المغرب، وارتباط ظاهرة الإرهاب بالشباب المغربي في فرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها من الدول.

لا نعرف من يتحمل اختيار كل من ذكرت هجرة الوطن، ولا نعرف من يتحمل مسؤولية التطرّف وسط الجيل المزداد في أوروبا بتواجد جهات عدة تتحمل مسؤولية التدبير الديني  بميزانيات ضخمة.

لا نعرف من هو المسؤول عن ظاهرة التطرّف وسط الجيل المزداد في الغرب ولا جواب لارتفاع نسبة التشيع وسط المغاربة.

في نظري، والله أعلم، أن المسؤولية تتحملها جهات عدة، وزارة الأوقاف والمجلس الأوروبي للعلماء ومجلس الجالية، فكلها تملك من الميزانيات ما يؤهلها لمعالجة كل الظواهر التي تسيئ للمذهب المالكي الذي تشبث به المغاربة لقرون.

هل لنا الجرأة لتأكيد فشل كل السياسات المنتهجة لتدبير الشأن الديني من طرف كل الجهات المتدخلة فيه من خلال الوضعية على أرض الواقع؟ وهل لنا أن نؤكد كذلك أسباب هذا الفشل المرتبط بغياب التنسيق والصراع القائم بين مختلف المتدخلين؟

الخلل لا يوجد فقط في التدبير الديني في المهجر، ولكن كذلك في أهم أسس وركائز الهوية المغربية، ألا وهي تدريس اللغتين العربية والأمازيغية.

إن الجيل المزداد في المهجر يعيش أزمة هوية مرتبطة بعوامل عدة تتعلق بالبيئة العائلية والاجتماعية ومستوى التأطير الجمعوي وسياسة بلدان الإقامة، كلها مؤشرات مقلقة تؤدي إلى المزيد من المشاكل الاجتماعية التي يكون لها انعكاس على مستقبل الأجيال المزدادة بالخارج، والتي من نتائجها ارتفاع الميز العنصري في كل مناحي الحياة.

لن أترك الفرصة تمر دون الحديث عن موقف سي عبد الله بوصوف من إقصاء الحكومة لشباب المهجر من البرامج الحكومية التي لها صلة بالقضية الوطنية.. موقف يحسب له نظرا لأن العديد من مغاربة العالم في حاجة لهذا التأطير. ومجلس الجالية يتحمل جزءا من المسؤولية في دعمه لجمعيات للقيام بأنشطة أثارت جدلا سلبيا، أنشطة  لا قيمة سياسية لها.

نعم لاستغلال الفضاءات الجامعية للتعريف بالقضية الوطنية، لكن من طرف كفاءات تشتغل في الجامعة وتتحمل مسؤولية التأطير بها ولا مكان لعناصر تفتري على الأحزاب السياسية اليسارية بأنها تعرقل أنشطتهم. نحن أحوج في الوقت الراهن لنقاش وحوار هادف، وليس للبحث عن تلميع صورنا على مستوى المواقع الاجتماعية.

تجار القضية الوطنية لا مكان لهم في الفضاءات الجامعية وعلينا جميعا إسماع صوتنا بطرق حضارية. إن إشراك مغاربة العالم في تدبير ملف ومشاكل الهجرة ضروري لا لسبب سوى لأنهم قادرون على إيجاد الحلول لكل المشاكل المتعلقة بالهجرة. لهم الحق في التمثيلية والحضور في كل المجالس التي نص عليها الدستور المجلس الأعلى للتعليم، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجلس الثقافات واللغات، المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وكذا يجب أن يكون لهم حضور في كل الندوات المنظمة في المغرب، كالندوة المنظمة من طرف مجلس المستشارين والتي انتدب فيها مشاركين من دول عديدة عن طريق الزبونية والمحسوبية  وغياب معايير واضحة للمشاركة.

وفي الأخير أتمنى من كل قلبي أن يكون سي عبد الله بوصوف أكثر جرأة في الدفاع عن تفعيل فصول المشاركة السياسية بعيدا عن الجدل والنفاق السياسي.