السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري :هل نتكلم عن نفس الإصلاح؟

عبد الحميد جماهري :هل نتكلم عن نفس الإصلاح؟

هناك مفارقة عجيبة في الحديث عن المدرسة وتحويلها إلى رهان بين الاصلاحيين، من الذين يودون إعادة تجربة الإصلاح عند السلف، والاصلاحيين الذي يدافعون عن إصلاح المجتمع الكوني: وهذه المفارقة تتجلى في دفاع المحافظين عن هوية المدرسة دون أن يطرحوا وجودها أصلا .
والسؤال هو :
كيف تدافعون عن لغة عربية محددة في المدرسة،لا سيما العمومية، في الوقت الذي سيكون جزء من الاصلاح الذي يقوده المنتمون إلى مرجعيتكم ذاتها في الاصلاح ورؤية الوجود الجماعي ، إلى نزع الطابع العمومي عنها، أي ما يعطيكم الحق - أصلا- في الحديث عنهما، أي عن الإصلاح وعن المدرسة؟
وبوضوح أكثر :كيف يدافع فقهاء المجالس العلمية مثلا والدعاة المنتشرون في البلاد عن عربية بعينها، ويواجهون تعليم الامازيغية وهم يسمعون رئيس الحكومة القريب منهم يردد ليل نهار بأن الدولة غير قادرة على مصاريف التعليم؟
لماذا تصارعون الفرنسية أو الامازيغية أو حتى البورغواطية في المدرسة، إذا كان الاصلاح القادم سيخرجها من كيان الدولة الجماعي إلى التدبير التقني الذي تتحكم فيه مرجعية العولمة؟.
إن النقاش ينزلق الى حيث ريده آخرون من المجتمع لا ما يرده أهله، في حالة تطبيق الوصفة التي قدمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي..
ففي الشأن المدرسة، عندما يتعلق الأمر بالمادة الدينية أو باللغة يحتمي المحافظون بالتاريخ، بدون أن يدافعوا عن عمومية المدرسة!
وهنا يبدو أن الاصل اللاهوتي للغة العربية، هو الغالب، في تحديد السجال وينتقل الاصلاح من حديث حول المدرسة والقطاع العام والتكوين وما إلى ذلك، إلى حديث في الهوية..
في حين توكل قضية الاصلاح التقني إلى القطاعات الرأسمالية التي لم تعلن ابدا انتماءها إلى أي مشروعية كونية، أكانت حقوقية أو تنتمي إلىالجيل الجديد من هذه الحقوق ، لأنها اقرب الى المحافظة في القيم، ما دامت تنتج المال…!
ثانيا: اللغة، في صلب الصراع ، وهي ليست أداة فقط ، بل تصورا، وعندما ارتبطت اللغة العربية،تاريخيا ،بالسلطة، وتماهت معها لدى كل الشعوب ولم تقدم دوما كأنها لغة تحرير الشعوب من السلطان أو من ثقافتها (الفارسية وعمر بن الخطاب رضي لله عنه) بل ارتبطت باعتبارها لغة الحاكم القامع أو الذي يلغي الشعوب الاخرى لغويا، من التاريخ إلى عصر حديث.. وربما كان الخطأ ليس اصوليا دوما،بل أصوليا عرقيا بالمعنى الذي اعتمدته القوميات العسكرية التي جابت التاريخ الحديث..
لهذا ، فهل نحن نحكم على النقاش - الذي قطعته البلاد نحو تجاوز ما اسميه دوما الافق المسدود- أم نناقش مخلفات رهانات أخرى، بعيدا نوعا ما، في الجغرافيا وفي التاريخ؟
عن أي إصلاح نتحدث حقا؟ إذا كما فوق غصن ، ونعمل علي قطعه بالمنشار، ماذا يهمنا إن كنا سنسقط على اليمين أو على الشمال؟
لماذا هذا الهرج المفتعل، ضمنا أو صراحة ، حول تدريس الأمازيغية، الموجودة بقوة الشعب قبل قوة الدستور، في الوقت الذي يتم اللمز إلى إصلاح منظومة التربية الدينية، إذا لم يكن المبرر الوحيد هو، مناهضة الإصلاح باسم الإصلاح؟