الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز:الإضراب العام ، بين التنفيذ و الاستثمار..

أحمد بومعيز:الإضراب العام ، بين التنفيذ و الاستثمار..

.. وتم تنفيذ الإضراب العام يومه الأربعاء 24 فبراير 2016 . وتم تكسير حاجز الترقب والتأجيل و التفعيل . و النتائج تختلف باختلاف سياق القراءة و الصياغة  المرغوبة .

 طبعا الحكومة تتجاهل المعطيات الموضوعية كعادتها ، ولا تعنيها نتائج خسائر الاقتصاد الوطني حتى إن كانت جسيمة  . و النقابات ،ومن خلال معطيات اللجنة الوطنية تؤكد أن نسبة نجاح الإضراب فاقت 84 في المئة كنسبة  عامة أولية  ، و بلوغ النسبة 100 في بعض القطاعات العمومية بالعديد من  المدن . و أجهزة أخرى في الدولة جمعت معطيات أخرى و أرقام أخرى  ، و تحتفظ بها إلى حين الحاجة . وقراءة المشهد العام  قد بدأت  ، وهو المعطى الأساس في المعادلة كلها .

منهجيا لا يمكن فصل الإضراب العام عن سياق الوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في المغرب . و القراءة  و استثمار نتائج للإضراب قد تحدد مستقبل الدينامية السياسية  ، على الأقل في الشهور المقبلة ، حيث النخب السياسية تتهيأ لخوض الاستحقاقات التشريعية شهر أكتوبر القريب . الحكومة الحالية في ورطة حقيقية وإن لم تعترف بذلك ، و المعارضة الحالية محتاجة لدفعة جديدة من الأمل ، و لمحركات إضافية لصياغة ذاك الأمل ،ومحتاجة أكثر لدعم المواطنين و الشارع و الطبقات المتضررة من الأداء الحكومي .

معطيات عدة ساقها الإضراب الجديد  ، تنتظر الاستثمار حالا من قبل جميع المكونات المتدخلة في اللعبة السياسية و الاقتصادية  ، في ارتباطها بالوضع الاجتماعي :

يسجل أن الإضراب العام مر في ظروف أمنية مقبولة وفي سلاسة  ، وهو أمر ايجابي للمرحلة ، وعنصر قد يشجع على إمكانيات التعبير الشعبي و الاحتجاج السلمي مستقبلا ، رغم القمع الذي تمارسه الحكومة من خلال التلويح بالاقتطاعات من أجور المضربين ، و التضييق على الحريات النقابية من طرف الباطرونا ، و الاستمرار في تغييب و تأجيل قانون الإضراب . كما تعتبر نسب المشاركة مؤشرا على الأزمة الاجتماعية بالمغرب ، و على دحض إدعاءات حكومة العدالة و التنمية المحافظة بكون الشغيلة  ، والفئات  الشعبية ، راضية على سياستها و مقارباتها الاقتصادية .

 لكن استثمار المعطيات ، و نتائج هذا الإضراب تبقى مرهونة بالتفاعل مع الوضع العام في شموليته ، وهو الوضع  الذي يبقى متقلبا و هشا رغم تمظهراته المعلنة و التي لا تمكن  فعليا من التحكم في قراءة توجهاته . ليبقى استثمار النتائج وفق ذات الوضع، وارتباطا بحركية المجتمع و الفئات المعبر عليها حاليا ، مرهونة بتفاعل القوى السياسية وفق السرعة المطلوبة و في حدود أقصاها  تهييء الانتخابات التشريعية . فالحكومة الحالية ماضية في تنفيذ مخططاتها و ما تزعم أنها إصلاحات ، ومن الصعب تحقيق مكتسبات و مكاسب كبيرة من قبل النقابات حتى و إن دشنت الحكومة جولات جديدة من الحوار . ليبقى السقف في حدود فرملة بعض التوجهات و بعض القرارات الغير مؤثرة على الوضع العام ، وهو الحد الأقصى في مشروع الحوار الاجتماعي الذي بات أفقه ضيقا في المرحلة الراهنة  و مع الحكومة الراهنة . وهذا المعطى الزمني المتحكم  موضوعيا في التفعيل و الاستثمار النقابي للنتائج و المكتسبات من الإضراب يقودنا لطرح الأسئلة الموضوعية و المشروعة أيضا  : هل تأخرت النقابات  فعلا في الإعلان على الإضراب العام ؟ أم أن الاستثمار السياسي لنتائجه سيكون أجدى ؟ أو أن المحطة الحالية سيتم الإلتفاف عليها و على نتائجها لينتظر المغرب أزيد من 26 سنة أخرى  كي تنفذ شغيلته و نقاباته إضرابا عاما جديدا ؟..