.. وتم تنفيذ الإضراب العام يومه الأربعاء 24 فبراير 2016 . وتم تكسير حاجز الترقب والتأجيل و التفعيل . و النتائج تختلف باختلاف سياق القراءة و الصياغة المرغوبة .
طبعا الحكومة تتجاهل المعطيات الموضوعية كعادتها ، ولا تعنيها نتائج خسائر الاقتصاد الوطني حتى إن كانت جسيمة . و النقابات ،ومن خلال معطيات اللجنة الوطنية تؤكد أن نسبة نجاح الإضراب فاقت 84 في المئة كنسبة عامة أولية ، و بلوغ النسبة 100 في بعض القطاعات العمومية بالعديد من المدن . و أجهزة أخرى في الدولة جمعت معطيات أخرى و أرقام أخرى ، و تحتفظ بها إلى حين الحاجة . وقراءة المشهد العام قد بدأت ، وهو المعطى الأساس في المعادلة كلها .
منهجيا لا يمكن فصل الإضراب العام عن سياق الوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في المغرب . و القراءة و استثمار نتائج للإضراب قد تحدد مستقبل الدينامية السياسية ، على الأقل في الشهور المقبلة ، حيث النخب السياسية تتهيأ لخوض الاستحقاقات التشريعية شهر أكتوبر القريب . الحكومة الحالية في ورطة حقيقية وإن لم تعترف بذلك ، و المعارضة الحالية محتاجة لدفعة جديدة من الأمل ، و لمحركات إضافية لصياغة ذاك الأمل ،ومحتاجة أكثر لدعم المواطنين و الشارع و الطبقات المتضررة من الأداء الحكومي .
معطيات عدة ساقها الإضراب الجديد ، تنتظر الاستثمار حالا من قبل جميع المكونات المتدخلة في اللعبة السياسية و الاقتصادية ، في ارتباطها بالوضع الاجتماعي :
يسجل أن الإضراب العام مر في ظروف أمنية مقبولة وفي سلاسة ، وهو أمر ايجابي للمرحلة ، وعنصر قد يشجع على إمكانيات التعبير الشعبي و الاحتجاج السلمي مستقبلا ، رغم القمع الذي تمارسه الحكومة من خلال التلويح بالاقتطاعات من أجور المضربين ، و التضييق على الحريات النقابية من طرف الباطرونا ، و الاستمرار في تغييب و تأجيل قانون الإضراب . كما تعتبر نسب المشاركة مؤشرا على الأزمة الاجتماعية بالمغرب ، و على دحض إدعاءات حكومة العدالة و التنمية المحافظة بكون الشغيلة ، والفئات الشعبية ، راضية على سياستها و مقارباتها الاقتصادية .
لكن استثمار المعطيات ، و نتائج هذا الإضراب تبقى مرهونة بالتفاعل مع الوضع العام في شموليته ، وهو الوضع الذي يبقى متقلبا و هشا رغم تمظهراته المعلنة و التي لا تمكن فعليا من التحكم في قراءة توجهاته . ليبقى استثمار النتائج وفق ذات الوضع، وارتباطا بحركية المجتمع و الفئات المعبر عليها حاليا ، مرهونة بتفاعل القوى السياسية وفق السرعة المطلوبة و في حدود أقصاها تهييء الانتخابات التشريعية . فالحكومة الحالية ماضية في تنفيذ مخططاتها و ما تزعم أنها إصلاحات ، ومن الصعب تحقيق مكتسبات و مكاسب كبيرة من قبل النقابات حتى و إن دشنت الحكومة جولات جديدة من الحوار . ليبقى السقف في حدود فرملة بعض التوجهات و بعض القرارات الغير مؤثرة على الوضع العام ، وهو الحد الأقصى في مشروع الحوار الاجتماعي الذي بات أفقه ضيقا في المرحلة الراهنة و مع الحكومة الراهنة . وهذا المعطى الزمني المتحكم موضوعيا في التفعيل و الاستثمار النقابي للنتائج و المكتسبات من الإضراب يقودنا لطرح الأسئلة الموضوعية و المشروعة أيضا : هل تأخرت النقابات فعلا في الإعلان على الإضراب العام ؟ أم أن الاستثمار السياسي لنتائجه سيكون أجدى ؟ أو أن المحطة الحالية سيتم الإلتفاف عليها و على نتائجها لينتظر المغرب أزيد من 26 سنة أخرى كي تنفذ شغيلته و نقاباته إضرابا عاما جديدا ؟..