الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

التحدي الأكبر للإرهاب

التحدي الأكبر للإرهاب

الخلية التي تم تفكيكها، أخيرا، من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للديستي، يبين أن الإرهاب ليس مزحة عابرة، بل هو التحدي الأكبر، الذي يتفوق على التحديات السياسية والاقتصادية وغيره من التحديات باعتبار الكل تابع له، فلا استقرار سياسي في غياب الأمن ولا استثمار اقتصادي في ظل التهديدات الإرهابية ولا سلام اجتماعي في ظل الرعب الناتج عن حركات الإرهابيين.

ما تم الإفصاح عنه لحد الساعة كاف لمعرفة مدى خطورة الخلية الإرهابية الجديدة. أما إذا زاد المحققون في الإفصاح فقد نجد أنفسنا أمام رعب حقيقي كان يهدف إليه الجهاديون. فلأول مرة يتوفر التكفيريون على سلاح حربي ويتوصلون بمكونات بسيطة إلى صناعة سم قاتل بمجرد لمسه باليد واستقطاب الأطفال لتنفيذ عمليات إرهابية باعتبارهم لا يثيرون الانتباه.

الخلية خطيرة جدا. مرت إلى مرحلة تفخيخ السيارات وخططت للهجوم على مراكز تجارية كبرى ومؤسسات عمومية وشبه عمومية ضخمة. والغرض ليس هو هذه المؤسسات ولكن تحقيق أهداف التنظيم الإرهابي داعش وكتابه المرجعي "إدارة التوحش" للقيادي في التنظيم أبو بكر ناجي ووفره التنظيم حتى باللغات العالمية مثل الانجليزية تحت عنوان  "management of savagery"

فهدف التنظيم ليس تحقيق أهداف حية على أرض الواقع، ولكن خلق الرعب والفوضى في المجتمع حتى يتمكن من إيجاد موقع قدم له ومن تم إعلان إمارة داعشية على أي بقعة يشتد فيها القتل ويقل فيه الأمن والأمان.

فالتحدي الإرهاب سابق المعالجة زمانا ومكانا، وله الأولوية على عتبة بنكيران ومصارعاته مع خصومه السياسيين، وله الأولوية في التصدي من كل شيء.

طبعا محاربة الإرهاب في هذا الزمن هي أولوية الأولويات. وهذا لا يلغي باقي التحديات لكن يضع شروطا لإنجازها. لا يمكن أن يتم التعامل مع المشاكل السياسية والاجتماعية في معزل عن معالجة التحدي الإرهابي. ينبغي أن تصب كافة المجالات في هذا الكفاح الكبير والطويل الأمد.

لم يعد أمامنا من خيار سوى النصر أو النصر. قدرنا أن ننتصر على الإرهاب أما إذا أوجد له موقع قدم صغير في مجتمعنا فإن كافة المجالات ستنهار. ولهذا لا ينبغي أن تبقى الحكومة "شارية التيقار" وبعيدة عن حمأة "العصيدة"، بل ينبغي أن تنخرط كليا في مشروع محاربة الإرهاب وأن تجد الأطر والمسالك للمشاركة بفعالية في مكافحة الخطر الجهادي المتوحش.

لابد اليوم من الاعتراف بأن الديستي بقيادة عبد اللطيف حموشي، الذي يتولى في الوقت ذاته إدارة الأمن الوطني، هي طليعة مقاومة المشروع التخريبي للتكفيريين، الذي يجد من بيننا من يحتضنه بطريقة أو أخرى، سواء أولئك الذين يسعون إلى الاستفادة من الفوضى حتى يتحولوا إلى تجار حروب ولو بالحصول على مبالغ مالية مقابل التشكيك في الجهد الأمني أو أولئك الذين ما زالوا رهائن لمنطق المؤامرة ويعتبرون تفكيك الخلايا مشكوك فيه.

طبعا لن ننتظر حتى يضربنا الإرهاب ليقتنع هؤلاء مثلما فعل مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي ظل مشككا في العمليات الإرهابية حتى بعد أن تم استوزاره ولم يقتنع إلا بعدما تم تهديده هو شخصيا. لن ننتظر حتى يضربنا الإرهاب لتتشكل قناعة البعض لأن الإرهاب واقع وحقيقة وتحد كبير.