منذ بداية الربيع العربي ظلت إمارة قطر هي الراعي الرسمي لهذا الحراك الشبابي، الذي استغلته العديد من القوى من أجل الفوضى والدمار، ونتائجه اليوم بارزة في مصر وتونس في أقل تقدير، ونتائجه المدمرة واضحة في سوريا والعراق وليبيا. ولم يكن المشروع القطري ليقف عند حد من الحدود، ودولة الربيع العربي في الخارطة القطرية تشمل كل الدول بما فيها دول الخليج العربي، حتى يتمزق الجميع ويصبح بالحجم الميكروسكوبي لإمارة قطر ويخدم مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لم يكن المغرب بعيدا عن هذه الخارطة،بل هو جزء منها. بل إن المغرب كان في عمقها وحاولت قطر التحرش به من خلال قناة "الجزيرة"، المنظومة السياسية الإعلامية المساندة رسميا للإرهاب والفوضى والتخريب، التي بثت خبرا كاذبا عن تفكيك اعتصام بسيدي إفني زاعمة أن قوات الأمن قتلت سبعة أشخاص.
من يعرف مفعول هذه الإشاعة في المجتمع يدرك حجم المؤامرة التي تقودها قطر ضد المغرب. فالقتل يعني الفوضى والانتقام مع العلم أنه لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. وكل ما كان هو تحرير بوابة مرسى سيدي إفني، الحدث الذي أرادت "الجزيرة" أن تُطلق منه شرارة الربيع العربي، لكنها فشلت.
الفشل القطري في تدبير الربيع العربي انطلاقا من المغرب الأقصى غير وجهته نحو تونس، التي حولت فيها "الصناعة الثورية" حدثا يقع في كل بلدان العالم إلى ثورة لكنها على طريقة "كيف تُحدث ثورة في خمسة أيام" وثورات نصف قرن انتهت إلى الأبد أو عاد أصحابها لمحاورة دولهم.
لكن هذا الكيان الصغير المنتفخ جدا بأموال البترول والغاز والحالم فوق اللازم الذي يمتلك منظومة إعلامية خطيرة، لم يستسغ هذا الفشل فغير من خططه، لكنه يدبر أمره للمغرب بالليل والنهار. لم تعد الحرب واضحة ولكن عبر عمل مختلف. فسارع إلى استقطاب نخب إعلامية ومثقفين وأكاديميين بالإضافة إلى تمويله لمركز للدراسات.
استقطب مجموعة من الإعلاميين حتى صاروا ناطقين باسمه هنا ويكتبون الخبر الذي يخدم أهدافه. واستقطب مثقفين من مختلف المشارب. ولديه وسائل عديدة للاستقطاب. يعتمد البيع والشراء. في البداية يعوض عن المقالات والدراسات حتى الركيكة والتافهة منها. وبعدها يطلب هو دراسات ومقالات وفق توجيهات صادرة من المركز العربي لدراسة السياسات بزعامة عزمي بشارة، العضو السابق في الكنيسيت الإسرائيلي ومستشار الشيخ تميم.
من آخر إبداعات هذا المركز التقرير الذي أصدره حول المغرب، وسكت عنه الجميع باستثناء هذه الصحيفة في حين نشره أحدهم بشكل ملتبس. تقرير حمل عنوانا خبيثا "المغرب من الإصلاح السياسي إلى سياسة إطفاء الحرائق"، وهو تقرير اعتبرناه في حينه عدوانا على المغرب حيث تضمن تحريضا واضحا لأحد الأحزاب التي تسير على هوى قطر بالانتقال من "الإصلاح في ظل الاستقرار" إلى المواجهة والمصادمة.
اليوم مر مركز بشارة إلى خطة أخرى وهي تحويل السياسيين والمثقفين والطلبة المغاربة إلى جواسيس يمنحونه معلومات عن الديمقراطية في المغرب مقابل مليون سنتيم عن كل مشاركة.
بشارة معه الحق لأنه مشرقي ويجهل المغرب بتاتا ولا يعرف سر تماسكه لأنه ينظر إليه من منظار الدول الأخرى ناسيا أن التاريخ والجغرافية هنا مختلفة عن التاريخ والجغرافية هناك.
كم يؤدي عزمي عن هذه الأفكار؟ نحن نقدمها له مجانا.
(ملحوظة: العنوان من اختيار هيأة التحرير)
