ما هذا الخبر؟
حصل اذن وأنْ تم إعطاء التأويل الأمني للملف الاجتماعي، وتبنته وزارة الداخلية ، بأمر-لا عفوا، بطاعة - من رئاسة الحكومة… ولن نحلم من الآن فصاعدا بأي شخصية برلمانية لرئيس الحكومة، ولا برئاسة الحكومة نفسها إلا إذا كانت وزارة الداخلية قوية.
لنبدأ بالجانب الساخر في القضية:
أنكربنكيران أنه كان على علم بقرار التدخل العنيف ضد الأساتذة المتدربين، ثم فغر فاه وهو يستمع لوزير الداخلية يقول له بأنه تم بتنسيق معه. ثم قدر وفكر ثم قدر كيف قدر وأعاد القسم، حتى كدنا نصدقه ونعود إلى الاعتقاد الراسخ بأن الداخلية أم الكبائر..لولا أنه سلم تسليم المؤمن بأن الملف في البداية والنهاية من شؤون الداخلية.
طوينا الملف ، بأن جعلناه ملفا أمنيا، لاعلاقة له بالتوظيف ولا بالارتقاء الاجتماعي ولا بحق الشغل ولا بالوظيفة العمومية.
الملف ملف أمني والسلام!
عاش دستور 2011، إذا كان يضمن الوصول إلى الحكومة بدون أن يضمن الوصول إلى الملكية البرلمانية!( انتا شد الارض السي حميد!).
عندما أقسم الأستاذ بنكيران بأنه لا علم له بالملف، اعتقدنا خاطئين أنه يتحدث عن التدخل العنيف ضد الأساتذة، وهو في الواقع كان يعني الملف ككل.
هذه سنة الانتخابات، ومن الأرجح عقلا أن يحسب الملف وتبعاته السياسية على وزارة لا تقدم حسابا لأي كان!
ومن الأرجح أيضا أن يؤول الأمر لوزارة يصدق المغاربة كل شر يقال عنها..!
وزير الداخلية لم يكن بالذكاء الكافي ليقبل بهذه البطاطا الساخنة:فقد أكد بأنه بالفعل الآمر الناهي في الملف، وبالتالي فالزرواطة كانت زرواطته والعنف عنفه لا عنف الحكومة.
إننا أمام درس فاره في الذكاء المغبون:بنكيران يتنصل من ملف يسلم أوراقه إلى وزير الداخلية، فيتأكد لدينا أنه لا علاقة له بما وقع للأساتذة، ووزير الداخلية يعلن صراحة بأن رئيس الحكومة شارك في القرار، لكنه يتحمل تبعاته لوحده بشكل يجعل رئيس الحكومة بريئاَ…….
لا أعتقد بأن مكيافيل جرب مثل هذا المنطق من قبل….
لننتقل إلى الجانب الجدي في القضية:
منذ4 شتنبر نجحت الداخلية في شيء أساسي:وضع الطبقة السياسية في حالة دفاع، بعد أن كانت تاريخيا في وضع المهاجم.
في المرة الأولى عندما أعلن محمد حصاد أن الأمين العام لحزب الاستقلال،حميد شباط ابتزه في انتخابات الجهة. وكانت تلك هي الصفعة التي أعادت الاستقلال إلى ذاكرته في النظام السياسي وحدث أن صدى الصفعة أصبح صوت الحقيقة عند أبناء الفقيد الوطني الكبير السي علال الفاسي.
وربح بنكيران من وراء الموقف..
ثم كان الموقف الثاني هو التكذيب العلني لابن كيران وهو ينكر، وبدا أن الداخلية لم تعد تطيق دورالأبكم في عرس الديمقراطية. وعندما نطقت وسفهت الأستاذ عبد الاله بنكيران علانية،… تحول ذلك إلى نقطة قوة عند بنكيران: تراجع في دوره لكي يحسن وضعه في ملف العنف الكبير المرفوض..
وربح بنكيران من جديد من وراء الموقف..
هل سنصفق لرئيس الحكومة لأنه يربح بدون أن ينتصر !
أو لأنه أول رئيس حكومة يجعل نقطة ضعفه نقطة قوة، ويجعل من التنازل عن قوته الدستورية انتصارا سياسيا في زمن متقلب يسبق الانتخابات؟..
بمعنى آخر، فإن الأشياء الجدية لا يحضر فيها رئيس الحكومة، بل يسلم فيها الأمر لمن هم قدر الموضوع ولا يوجد تبخيس أكبر من هذا لدستور المملكة ولسياسييها ونخبتها ومواطنيها..
غدا، سيتحدث الأستاذ بنكيران ليقنعنا بأن وزير الداخلية رفع إليه تقريرا..
ولن نصدقه بتاتا..
غدا، سيطلب الأستاذ بنكيران لقاء النقابات، وسيأتون إليه خفافا مستخفين، وإطارهم المرجعي هو اللقاء مع وزير الداخلية.. ولنتصور بجد حديث موخاريق مثلا مع رئيس الحكومة:السيد الرئيس لقد قلنا لوزير الدخلية وقال لنا وزير الدخلية واتفقنا مع وزير الداخلية ..والسلام!
انتهي الدستور!
تحول الداخلية إلى المحاور المؤسساتي الوحيد في الملف الاجتماعي، سيعني شيئا واحدا، هو أن الأستاذ بنكيران أصبح وزيرا أول في جلباب رئيس حكومة..هناك شريك اجتماعي لا يجد شريكا في الحكومة سوى وزارة الردع. وهناك نوع من الجبن السياسي يجعل الوزراء السياسيين ، بدون استثناء ينامون في عسل الزرواطة، ويتوسدون الكاسك، وينتظرون الربح الانتخابي بدون أدنى مجد أو انتصار سياسي..هناك في الملف زاوية مظلمة للغاية تسائلنا:ماذا وراء التنازل المؤسساتي، والانتخابات على الأبواب؟
ولن يقنعنا أحد بأن مؤامرة تحاك ضد بلادنا في الخفاء تستوجب أن تعود البلاد إلى ماضيها التعيس!
طبعا، لا أحد يلوم الداخلية لأنها قوية..
ولا أحد يلوم حصاد، لأنه كان في الموعد، عندما عادت عقارب الساعة إلى الوراء،ولا أحد سيلوم القرار الزمني ، لأنه ظل قرارا راهنيا ولم ينصع للأجندة الانتخابية،…
لا أحد سيلوم الداخلية لأنها قوية….
1/20/2016