صدر للعميد يوسف البحيري، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، مؤلف جديد يحلل مسار حقوق الإنسان والحريات العامة في المغرب، ويُفكك المرجعيات الدولية والوطنية، ويبرز رهانات دستور 2011 والإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، في سياق التحولات العالمية وتحديات العدالة الانتقالية.
المؤلف الجديد، يحمل عنوان " حقوق الإنسان والحريات العامة.. التجربة المغربية بين المكتسب والرهان"، صادر عن مكتبة دار السلام بالرباط.
يروم هذا المؤلف الفكري وهو في طبعته الثانية للعميد البحيري، دراسة وتحليل مضامين حقوق الإنسان والحريات العامة، من خلال تفكيك الإشكاليات المطروحة في تعدد المرجعيات الدولية والوطنية، ومقاربة المفاهيم الكونية لحقوق الإنسان في ظل مناخ سياسي دولى يعرف إنكماش السيادة الوطنية والمجال المحفوظ للدولة. فخطاب حقوق الإنسان ومشروعه الكوني يعيش تراجعا مريبا تنذره بمستقبل كئيب بعد فترة الإزدهار التي أعقبت إنهيار جدار برلين ونهاية الحرب الباردة، حيث تعرض للأزمة والإهتزاز بعد الأحداث الإرهابية للحادي عشر شتنبر، التي كانت بمثابة وخزة الإبرة للغرب الذي بدت عليه معالم التوتر والإرتياب نحو دول الجنوب، ودفعته حالة الفزع لتعبئة الوجدان الغربي بالعنصرية ووضع القيود على الهجرة بدواعي الحرب على الإرهاب، مما ساهم في تنامي ظاهرة التطرف داخل هذه البيئة المنغلقة على المستوى الديني والعرقي والثقافي، والإنشغال بالهوية القومية لترميم الخراب الذي لحق بصورة النموذج الغربي الديموقراطي.
كما أن هذا المؤلف يقدم مداخل حاكمة لدراسة تجربة المغرب في مجال حقوق الإنسان والحريا العامة، إذ تعتبر مرتكزات دستور 2011 مرجعية أساسية لتفعيل ملاءمة التشريع الوطني للقانون الدولي، في مجال حماية الحق في الحياة والحريات الأساسية للمواطن . ومقاربة قياس درجة الإمتثال للمعايير الدولية ورصد مدى التزام الدولة بآليات الرقابة الحمائية وإحترام المقتضيات والتدابير المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وكفالة ضمانها في سياق الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية والقضائية والحكامة الأمنية والتي تنعكس على ميزان علاقات القوى بين النظام السياسي والمجتمع المدني.
ويسعى العميد البحيري في هذا الإصدار المتميز، بشكل أساسي إلى المساهمة في نشر المعرفة والتمكين من أجل إرساء قيم التسامح والمساواة والكرامة الإنسانية كرهان مجتمعي يقوم على تكوين جيل من الشباب واع بدوره في الحفاظ أولا على المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال حقوق الإنسان، وإستلهام التجربة المغربية لهيئة الإنصاف والمصالحة في سياقات العدالة الإنتقالية وطي صفحة سنوات الجمر والرصاص
ومأسسة الإنتقال الديمقراطي. والتوفر من جهة ثانية على القدرات المعرفية التي تمكن هذا الجيل من الشباب من التفاعل والتجاوب مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وتنمية المدارك حول طرق اشتغال الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان مثل الإستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان أو الآليات التعاقدية بمختلف تفاصيلها.

