احتـلـوا شـاشات الـتلفزيون لـسنوات، وأقـامُـوا في صفحات الجرائـد والمجلات جـيلا كامـلا.. تـفـاعـلنا مع تحليلاتهـم الـمتفائلة والـمتشـائمة..وصدقـنـا تـأويـلاتهـم وفتــاويهـم فـي أمـور الـدنيا والــدين..حتى أصبحوا بفعـل عـامل "التعــود" يُـمثلـوننـا شـئـنا أم أبيْـنــا..و أصبحـوا نـاطقـا رسميا عن آمالـنا وآلآمـنا وانتـظاراتـنا رغما عـنـا، و رغم إختـلافـاتـنا الإديـولوجـية والفكـريـة...
الـيــوم , ونحن نعيش تـداعيـات أحـداث باريس الارهـابية نوفمبر 2015...نـقـف من حيث لا نـدري على تســاؤل مُـزعـج..هـل يعيش مغــاربة العالــم " أزمة نُخـبـة.." ؟
الـقـادم مـن الأيام لا تـبعث على الـكثير مـن الإرتيـاح..خاصة وأن كـل الـمؤشرات تذهـب الى حـد إعـتبار هــويـة المهاجر "حـطبـا " لـنــار الانتخـابـات الاروبيـة الـقادمـة...الـمبارزة الإنتخابيـة ستُـعلـن أن الـفائـز هـو مـن يعْـبـث كـثيرا ويُـنكــل بأشـلاء هــويـة المهاجـر..!!
أعلنت إذن, أحداث بـاريس الارهابية عن فتـح الـمزاد العلني للهـوية ولـمباديء الجمهورية الـفرنسية ونعني هُــنا الـمسـاواة..!!
وبعيدا عن أي إنـفعـال عـاطفي أو خطـاب سياسي إيـديولـوجي أوحتى شعـبـوي...لـوحظ مـوقـف سلبـي ممن يُـمكن تسميتهـم " نخـبة مغـاربة الـعالـم" وهــم يـقفـون بمسافـة بعيـدة تـحفـظ لهـم " بْـريستيجهـم الإجتماعـي " ويُــواصلون الإشتغـال فقـط في مكـانهـم العـادي أي الكـوالـيس..!!
مع الـتذكيــر أن بعض المسؤوليـن أعلنـوا بعد أحـداث باريس عـن فشـل سياسات الإنـدماج مما يعني فـشل هـده النخبة أيضا مـادامت قــد اعتبـرت نفسهـا تملك مفـاتيـح " الـعلبة السـوداء" لسكان الضواحي مثلا...!!
ازدادت حــدة العنصرية ووصل مـداها بعـد الـرموزالـدينية إلى مباديء إنـسانية كالـمساواة في الحقـوق والواجبات..تـمثـل في سـحـب الـجنسية كـقعـوبـة على الإرهاب..!
الـعديـد من المراقبين اعـتبروا هـذا الـتدبير الـعقـابي مـاسـا بمباديء الـجمهورية الـفرنسية في الـمساواة بين جميع الفرنسيين و أنه لا وجــود لـفـرنسي من درجة اولى و آخــر من درجة ثــانية...واعـتبروه ايضا مـاسـا بفلسفـة الـجريمة والعقــاب...!
الغـريب في الأمـر أنه فـي الـوقت الـذي يُـناقـش فـيه حقـوقييـن وسيـاسيين فـرنسييـن تـداعيـات هـدا الـتدبيـر عـلى مستويـات الانـدماج والهـويـة والـمساواة, نـلمس صمتـا رهـيبا من جـانب نُـخبـة مغـاربـة العالـم وهي نخبة صنعت مجـدهـا على أنقـاض مـآسي " الـضواحي "..!
لـم نـلاحـظ دلك الـزخم والحضور الإعـلامي والسياسي والحقوقي الـذي ألـفـنـاه..فـربما عـوامل طـقـس أروبـا الـبارد جعلـتهـم يـنكمشـون على أنفسهـم وينتظـرون فقـط أول شعـاع شمس ربيعـي حتى يــتمـددون مـن جـديـد على شـاشـات الـفضائيات ويملـؤُون الـفضاء الأزرق بصور لـملاحمهـم الـوهمية..ويُمطـرونـنا بتـأويلات وتحاليل أبانت الـوقائع أنهـا لا تُسمن ولا تُـغني من جـوع..!!
العـديـد ممن سألـناهم أكــدوا لـنا خيبـة أملهـم في نـخبة "سُـوريـالية "..و أكــدوا أيضا عـن حـالة أزمـة نـخبة وضرورة إعـلان الإفــلاس..!
وآخــرون أرجعـوا سبب هــذا الـغياب بأنهـم طـرفـا في معـادلـة سياسات إنـدمـاج فـاشلـة وبالتـالي تجـد نفسهـا مُحـرجة لـتقييـم وضع قــد أشرفـت على العـديد من خيــوط لُـعـبتـه..
وقــد كان أشــرف لهـم بإعـلان نهايـة صلاحيتهـم وبــدايـة صفحة جـديدة وبـوجـوه جديـدة لهـا الـقدرة على الدفاع عــلـنا عن مباديء الجمهـورية الـفرنسية ومنها " المساواة "...ولها الجـرأة للدفــاع على عــدم ربـط معـايير العقــاب أو المكافئة بمقومات الـهوية كالـدين واللغة أو حتى الاسـم الشخصي والعائلي...
لا نــريـد إحراج أي أحـد فالأمثلـة كثيرة خـاصـة من بلـدان الهجـرة الكلاسيكية.. ولـتبقى الأسئلة معـلـقـة...هـل تستطيع هـذه النخبــة أن تطل عليـنـا مـن جــديد من شـاشات الفضائيات مُـتفائلـة أو مـتشائمة..مُـحـدرة أو مُـنـذرة..؟ و هــل يصح فيهــم قــول قــائـل.. وعنــد الإمتحــان يُـعــز المـرىء أو يُهــان...؟