الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
مجتمع

الريسوني: الوثيقة الأولى للمطالبة باستقلال المغرب قدمتها الزاوية الريسونية سنة 1919

الريسوني: الوثيقة الأولى للمطالبة باستقلال المغرب قدمتها الزاوية الريسونية سنة 1919

يستعد المغرب للاحتفال بالذكرى 11 يناير وهي ذكرى توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال، وإذا كان التاريخ يسجل أنه في مؤتمر أنفا المنعقد في يناير 1943 طرح الملك الراحل محمد بن يوسف قضية استقلال المغرب كمطلب مغربي مشروع مذكرا المجتمعين في المؤتمر فرانكلين روزفيلت، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا بوقوف المغرب إلى جانب أوروبا في معركتها التحريرية  ضد الإستعمار النازي إبان الحرب العالمية الثانية، فإن مؤرخ المنطقة الشمالية للمغرب طنجة تطوان الحسيمة علي بن أحمد بن أمين الريسوني المعروف بمولاي علي الريسوني، كشف في كتاب أصدره، أمس الجمعة 8 يناير2016، عن مؤسسة آل البيت للشريف مولاي أحمد الريسوني بعنوان "الوثيقة الأولى للمطالبة باستقلال المغرب" (في 130 صفحة)، وضح فيه بأن هذه الوثيقة ترجع إلى سنة1919 بعد الحرب العالمية الأولى، وكان قد قدمها زعيم المقاومة الجبلية الشريف مولاي أحمد الريسوني إلى الرئيس الأمريكي آنذاك "ويلسون " وشرح الكاتب بأن الوثيقة تثبت بالبرهان  والملموس بأن الزوايا عكس ما يعتقده البعض، كانت في واجهة الجهاد ضد المحتل.

"أنفاس بريس" توصلت بصفة حصرية بورقة أعدها  صاحب الكتاب مولاي علي الريسوني و الذي اعتبر كتابه  "طريفا  وبمثابة قنبلة خلافا لما يدعيه الحزبيون بأنهم قدموا وثيقة المطالبة بالاستقلال  سنة1944 و نعرضها كالتالي:

الكتاب يعتبر إضافة جديدة لتاريخ المغرب المعاصر  وهو عبارة عن عرض وتحليل  رسالة مهمة وهامة  ومفيدة جدا هي وملحقاتها التي بعثها زعيم المقاومة الجبلية الشريف  مولاي أحمد الريسوني من الزاوية الريسونية "تازروت"بإقليم العرائش إلى الرئيس الأمريكي" ويلسون"بواسطة سفير هذا الأخير بمدريد الذي توصل نفسه برسالة مماثلة  يوم الجمعة 29 شعبان1537 الموافق30 ماي1919،وأصل الرسالة مكتوب باللغة العربية بخط اليد في ثلاث أوراق واضحة تمام الوضوح و ترجمت إلى اللغة الإسبانية و محفوظة في الأرشيف العام الإداري السياسي للدولة الإسبانية الحديثة، ويطلب الزعيم الريسوني بموجبها من الرئيس الأمريكي بأن يسعى ويضغط لدى الدولتين المحتلتين للمغرب فرنسا واسبانيا  من أجل إعطاء الإستقلال وإنهاء احتلالهما للمغرب وقد بعث الزعيم الريسوني الرسالة إلى الرئيس ويلسون، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1914 -1918 التي انهزمت فيها ألمانيا وانتصر فيها الحلفاء  ،وصرح الرئيس الأمريكي بالمناسبة بأن الشعوب والدول المستضعفة والضعيفة  ينبغي أن تأخذ استقلالها وأن تنصف ويرفع الظلم عنها  جزاء لها على مشاركتها  إلى جانب الحلفاء في الحرب الكونية العظمى ضد ألمانيا، كما هو الحال بالنسبة  للمغرب الذي كان قد شارك بآلاف الجنود مع فرنسا في الحرب المذكورة، وللإشارة فهذه الرسالة كانت موضوع أطروحة في الدكتوراه في التاريخ  في جامعة بمدريد  من طرف صديقنا الباحث "كارلوس تيسفاينر"الذي نوقشت رسالته في سنة 1991 من لجنة مكونة من 6 دكاترة من أعلام تاريخ العالم  المعاصر ،  ثم بعد ذلك أخرج الباحث كتابه المعروف "الريسوني حليف وعدو اسبانيا" وطبع مرتين في 1998  و 2015  و أورد فيه الرسالة المذكورة باللغة الإسبانية-هذا و سمي الكتاب هكذا لأن الريسوني كان  يحارب اسبانيا بطريقتين :طريقة حربية عسكرية من جهة  وبطريقة الدهاء والمكر والخداع  والمراوغة كما هي عادته  من جهة أخرى، وكان بذلك أكبر عبقري في الجهاد ضد الحكم الإسباني في الفترة بين 1913 إلى 1924 ،إذن فقد أدخلنا هذه الرسالة التاريخية في بحثنا  دون إغفال ماجاء به محمد بن عزوز حكيم وهو مؤرخ كبير من تطوان وله عدة مؤلفات وقد أورد الوثيقة في الجزء الثاني من كتابه "مواقف الزعيم الريسوني من الإسبان".

لماذا نشرنا هذا الكتاب حول رسالة الريسوني إلى الرئيس الأمريكي؟

قمنا بذلك ونشرنا صورة منها في كتابنا  لتنوير المغاربة بأن وثيقة 1944 المطالبة بالإستقلال ليست هي الأولى بل هي  جاءت بعد وثيقة سبقتها سنة 1919 وذلك رفعا للبس والخطأ  الحاصل  وإضافة للمعلومات لوضع الأمور في محلها، إذ أن المقاومة الجبلية انطلقت سنة 1913 من تطوان ضد الاستعمار الإسباني، وجمعت القبائل بمولاي عبد السلام بنمشيش وأعلنت الجهاد  والبطل الريسوني مثل الزاوية الريسونية "تازروت" لحظتها ، ونستنتج إذن  أن الزوايا المغربية و الريسونية كنموذج لم تكن أبدا مع الإستعمار أو خاضعة له  وثانيا أن الرسالة صدرت من الريسوني بشكل مبكر تطالب  بشرعية استقلال المغرب و كان قد عين من طرف السلطان المولى عبد الحفيظ عاملا على مدينة أصيلا  وعلى القبائل الجبلية في شمال غرب المغرب  وهي ما تضمه  الآن أقاليم تطوان العرائش شفشاون  وتاونات، ولذلك أردنا أن ننفي عن التصوف المغربي  والزوايا الصوفية تهمة الخمول والكسل أو أنها كانت خاضعة ولم تقم بالواجب الوطني في المقاومة، وبالتالي فالوثيقة تفيد بأن الزاوية المغربية كانت وما تزال وينبغي أن تبقى وطنية  بل وإذا جاء وقت الكفاح يجب أن تكون هي الأولى والزاوية الريسونية في "تزروت"قامت بعمليات الجهاد ضد المستعمر منذ 1913  بقيادة الشريف الريسوني إلى أن قضى نحبه سنة  1924.   

 وكان لابد  من هذه الكلمة للتنوير، فالتاريخ علمنا أن نكتشف فيه أشياء جديدة كانت غير معروفة   نراجع بها الأمور لنضعها في محلها ونصابها خاصة بعدما فتحت الأرشيفات الأوروبية  أبوابها  ،ووثيقة الشريف الريسوني التي طالب بها سنة 1919 استقلال المغرب التي تمحور حولها كتابنا  غنية المعنى عميقة الدلالة.