الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

فوزية البيض: لتفاوض والحوار ما هكذا تفض الاحتجاجات في مغرب "الحريات "

فوزية البيض: لتفاوض والحوار ما هكذا تفض الاحتجاجات في مغرب "الحريات "

السيد رئيس الحكومة مهنته الأصلية أستاذ، وهو يملك مدرسة حرة لتعليم وتربية الأجيال، وجل أعضاء حزبه آتون من قطاع التعليم، لهذا خصص لأساتذة الغد يوم الخميس الأسود 7يناير 2016، بكل من إنزكان، الدار البيضاء، طنجة، وغيرها، معاملة خاصة جدا لا تليق بمقامهم، وتحيد عن المكتسبات الحقوقية وعن مواطن الكرامة، جزاءا لاختيارهم أشرف وأنبل مهنة. رغم ترافع كل الفرق البرلمانية، على حقهم المشروع في التوظيف بعد التكوين، في جلسة الثلاثاء 5 يناير للأسئلة الشفوية. لكن قوات الأمن، تحركت ونفذت أوامر رئيس السلطة التنفيذية وأسالت الدماء بتوقيعه. من العار أن تنخرط الحكومة بشكل هستيري في تعنيف وإراقة دماء فئة من المواطنين قاموا باحتجاجات سلمية، منظمة، بطرق حضارية، تكريسا لمبدأ دستوري، للدفاع عن حقهم الذي يرونه مشروعا.

لكن من جهة أخرى بكثير من الموضوعية والحياد، لا يستقيم الابتزاز بعد القراءة والتوقيع، كما لا يستقيم العنف المفضي إلى الجرح الذي يؤجج الرأي العام، ولا يستقيم توظيف الملفات لأهداف سياسوية.

شيء من الحكمة أيها العقلاء. أين أصحاب المؤسسات الحرة اللذين يراكمون الثروة دون دعم الدولة ولو بتقديم منح لمراكز التكوين؟ لماذا يتركون الوزارة الوصية وحيدة، في هاته الأزمة، في مواجهة غضب الطلبة الأساتذة في الشارع، وهم يعرفون قصورها في خلق مناصب مالية جديدة؟ ويعرفون أن هدفها هو تكوين طلبة وفق إستراتيجية التوجه للتعليم الخصوصي لسد الباب أمام فئة من أساتذة التعليم العمومي اللذين يركزون على تلاميذ المدارس الخاصة على حساب نظرائهم في المدرسة العمومية. فالتوظيف حسب هذا التوجه، الذي لا نعرف هل سيكون مؤقتا أم سيصبح القاعدة، اليوم هو ملازم للمباراة النهائية يأخذ منها نسبة الخصاص مما سيضطر الباقي إلى التوجه إلى القطاع الخاص. لكن هل ستسهر الدولة على أن توازي درجة توظيفهم وترقيتهم في السلاليم درجة نظيرهم في القطاع العمومي ؟ أم أنهم سيواجهون وحدهم محنة ابتزازات واستغلال أصحاب رؤوس الأموال ؟.

عفوا السيدات والسادة أساتذة المستقبل، لا التنديد بالتصعيد ضدكم، ولا التضامن مع مطالبكم المقموعة، ولا الشجب و الاستنكار يكفينا في هول ما وقع من التجاوزات. ما تقوم به الحكومة من عنف وانتهاكات ضدا عن روح الدستور هي صيغ ملتوية من أجل تغيير مراكز الاهتمام . علينا التركيز والتفكير في صيغ أخرى لمواجهة رزمانة قرارات الحكومة اللاشعبية، والانتباه دون غفلة، إلى مراسيم مشؤومة أخرى كالزيادة في سن التقاعد و الزيادة في مادة السكر و غيرها، وما سيأتي به ما تبقى من عمر الحكومة فهو أعظم.

إن حل مشاكل قضايانا العادلة والمصيرية لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار تحمل الفاعلين السياسيين لمسؤولياتهم، وأداء المؤسسات لأدوارها الدستورية الحقيقية، والسير في طريق البناء الديمقراطي الصحيح للمغرب. لأن تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية في جميع مناحي الحياة، هي من تترافع على صورة المغرب في الخارج، وتجعل المواطن يشعر بفخر انتمائه للوطن الذي يوفر له الكرامة.