الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
مجتمع

ملف متقاعدي الشركة المغربية للتبغ بين سندان نظام التقاعد الداخلي ومطرقة القضاء

ملف متقاعدي الشركة المغربية للتبغ بين سندان نظام التقاعد الداخلي ومطرقة القضاء

كانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء منذ 6 سنوات تقريبا قد أصدرت قرارا لصالح المجموعة الأولى من متقاعدي الشركة المغربية للتبغ يقضي باسترجاع النسبة المنخفضة من رواتب معاشاتهم ابتداء من تاريخ إحالتهم على التقاعد، حيث عرفت سنة 2004 لجوء المئات من المتقاعدين إلى القضاء لاسترداد ما قضت به المحكمة  كمكسب قانوني تكفله مقتضيات نظام التقاعد الداخلي قبل ادماجه في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وحسب مصادر " أنفاس بريس " فإنه بمجرد صدور هذه الأحكام ثارت ثائرة إدارة الشركة  التي لجأت الى كل  أنواع التحايل و التماطل  و التدليس للتهرب من تنفيذها و الحيلولة دونصدور أحكام مماثلة في الملفات التي كانت لازالت رائجة  أمام المحاكم  وذلك من خلال الاستقواء بنفوذها  و ممارسة أقوى الضغوط على هيئات الحكم بدعوى حماية الاستثماروفق ذات المصادر التي استغربت لعدم تنفيذ الأحكام  إلا في شهر شتنبر 2011 وذلك بعد تماطل الشركة لمدة طويلة وبعد أن رفضت المحكمة الطلبات التي تقدمت بها من أجل ايقاف التنفيذ وكذا بعد اللجوء الى الحجوزات بين يدي الغير على حساباتها البنكية  وقدنتج عن ذلك تسوية وضعية تقاعد المعنيين  بالأمر و توصلهم باستدراك المبالغ المخفضة من رواتب معاشهم منذ سنة 2004.

المفاجأة غير السارة ستطفو على سطح القضاء بتاريخ 20 أكتوبر 2011 وفي خطوة مفاجئة و غير متوقعة حيث أصدرت محكمة النقض قرارات بنقض مجموعة من هذه الأحكام بدون إحالة بدعوى عدم الاختصاص  النوعي للمحاكم العادية التي أصدرتها  و أن النزاع من اختصاص القضاء الاداري  وذلك على اعتبار أن الدعوى مرفوعة في مواجهة النظام الجماعي في حين أنها مرفوعة  ضدشركة التبغ كمقاولة تابعة للقطاع الخاص لاسترجاع حق من الحقوق المكتسبة في إطار نظام التقاعد الداخلي للشركة قبل ادماجه في النظام الجماعي  وهذا يتناقض جملة و تفصيلا مع اجتهادات محكمة النقض نفسها في ملفات مماثلة سابقةخسب رأي مصادر " أنفاس بريس "

وخلافا لذلك وحسب مصادر حقوقية وقانونية فإنه  " بالرجوع الى القانون المحدث للمحاكم الادارية يتبين أنه اذا كان هذا القانون ينص على اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق القانون المنظم للنظام الجماعي  فليس معنى ذلكأنها تختص بالبت في كافة النزاعات بل يقتصر نظرها على البت في النزاعات المرتبطة به و المتعلقة بأشخاص القانون العام وهم العاملون  في المرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة  و موظفي ادارة مجلس النواب  أن النزاعات المتعلقة بالنظام الجماعي و اشخاص القطاع الخاص لا تدخل في دائرة اختصاصه " .

وتضيف ذات المصادر أنه  بعد صدور قرارات محكمة النقض كانت  المحكمة الادارية بالدارالبيضاء خلال سنة 2012 قد اصدرت عدة أحكام  بعدم الاختصاص  النوعي  للقضاء الاداري  في هذه النزاعات حيث اعتبرت المحكمة الادارية  أن "  مادامت شركة التبغ  كانت تربطها  بمتقاعديها  روابط  القانون الخاص  و خاصة مدونة الشغل  فإن الطلب الرامي إلى الحكم عليها بتسوية  وضعية المدعين  ازاء  النظام الجماعي  يبقى خارجا عن دائرة الاختصاص النوعي للمحكمة الادارية  الأمرالذي يتعين  معه التصريح بعدم  اختصاصها بالبت فيه " ، وهذا ماأخذت به محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بعد صدور قرارات النقض  حيث عملت على إصدار أحكام مماثلة  التي أنصفت  متقاعدي الشركة  في منتصف سنة2009  مما دفع بذات  الشركة أن تتقدم في مواجهة هذه الأحكام كسابقتها بطلب إيقاف التنفيذ لوجود صعوبة إلا أنه و في تطور مفاجئ و غير منتظر  استجابت محكمة الاستئناف  لهذا الطلب  الى حين البت في الطعن  بإعادة النظر و ذلك خلافا للموقف الذي اتخذته في الأحكام الصادرة  في منتصف سنة 2009 ، واعتبرت مصادر " أنفاس بريس أن " المثير كذلك في نازلة هذا الملف أنمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء تناقضت مع نفسها حين أصدرت العشرات من الأحكام القاضية برفض الطلب في ملفات مماثلة التي سبق لها أن استجابت فيها لنفس الطلب سنة 2009 " .

وأعربت مصادر " أنفاس بريس " عن قلقها إزاء" التناقض وتضارب الأحكام الصادرة عن كل من محكمة الاستئناف و محكمة النقض يطرح أكثر منعلامة استفهام حول مدى قدرة القضاء المغربي على ضمان الأمن القضائي المواطنين في ظل الحديث عن الاصلاح الشامل لمنظومة العدالة "

وختاما ، فإن متقاعدي شركة التبغ يعقدون آمالهم على قضاة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لإنصافهم و الرفع الحيف الذي يعانون منه حوالي 12سنة و الذي تسبب لمعظمهم في وضعية مادية مزرية نجمت عنها العديد من المآسي الاجتماعية و الأسرية  وما يزيد من معاناتهم أن العديد منهم انتقلوا الى دار البقاء دون أن تتحقق لهم  ولأسرهم العدالة الاجتماعية التي كانوا ينشدونها في حياتهم.