الاثنين 7 أكتوبر 2024
في الصميم

60 فرنكا في الأسبوع: هذا نصيب المواطن بـ«أولاد علي» من الديمقراطية!

60 فرنكا في الأسبوع: هذا نصيب المواطن بـ«أولاد علي» من الديمقراطية!

في عددها ليوم 4 يناير 2016 نشرت يومية «الأحداث المغربية» تغطية لنشاط تواصلي ترأسه رئيس جهة البيضاء والوالي تم فيه تسليط الضوء على أصغر رئيسة جماعة محلية بالمغرب، ويتعلق الأمر بالطالبة الجامعية إكرام بوعبيد (مواليد 1994) التي تترأس الجماعة القروية «أولاد علي» التابعة ترابيا لإقليم بنسليمان.

ما أثارني في الموضوع أن جماعة «أولاد علي» قديمة «قدم العالم!» بحكم أنها تنتمي للجيل الأول من الجماعات المحلية التي رأت النور بالمغرب عقب صدور ظهير 1976. ورغم مرور 40 سنة تقريبا على إحداثها، مازالت جماعة «أولاد علي» تتسول الدريهمات كل سنة لدى وزارة الداخلية، ليس لتحقيق الإقلاع الفلاحي والسياحي والصناعي بالجماعة بل لتسديد أجور الموظفين، إذ أن 300 مليون سنتيم المخصصة لميزانية الجماعة كمنحة من الدولة يصرف منها الجزء الأكبر على الأجور (80 في المائة) والباقي لشراء المحروقات وتعويض المنتخبين وتحمل كلفة تأمينهم وتنقلاتهم.

المداخيل الذاتية الوحيدة المتوفرة لجماعة «أولاد علي» هي تلك المتأتية من السوق الأسبوعي التي لا تتجاوز 20 مليون سنتيم في أحسن الأحوال، أي بمعدل 4166 درهما كل أسبوع!

وهنا مربط الفرس، فالدولة لما قامت بتفريخ الجماعات عام 1976، لم يكن الدافع هو «التنمية المحلية» أو «تكريس الديمقراطية المحلية» بقدر ما كان هاجسها التحكم في المجال وفي الخرائط الانتخابية، وإلا كيف يفسر المرء تقطيع و«تفصيل» جماعة بإقليم بنسليمان تمتد على مساحة 8000 هكتار (أي ما يوازي مساحة مدينة الرباط تقريبا ) لم تتمكن إلى غاية اليوم من التوفر على المقومات الذاتية للجماعة. فالسوق الأسبوعي، كما قلنا، لا يضخ بالكاد في خزينة الجماعة سوى 82 ألف ريال (!) كل أسبوع. وإذا قسمنا المبلغ على سكان جماعة «أولاد علي» البالغ عددهم 7000 نسمة سنجد أن الحصة هي 12 ريال (60 سنتيما) لكل مواطن في الأسبوع.

بالله عليكم، هل بنصف درهم يمكن أن نحقق الرخاء والرفاهية وإسعاد «شعب بنسليمان»؟! هل بـ 12ريال يمكن الحديث عن التسويق الترابي والنهضة المجالية وغيرها من الشعارات الطنانة؟

إن لم يكن الأمر كذلك، فما الداعي لإحداث هذه الجماعة وغيرها (يتوفر المغرب على 1503 جماعة حضرية وقروية)؟ ألم يكن القصد هو جعلها مضخة لصناعة النخب وتوريث المناصب؟

الدليل أن المغرب وعلى امتداد العقود الماضية جعل من المنتخبين المحليين (24 ألف مستشار جماعي) بمثابة الخزان الاحتياطي لإغراق البرلمان، في نسخته القديمة الخاصة بـ«الثلث الناجي»، وفي نسخته الجديدة المتمثلة في غرفة ثانية بالزبناء كـ«رشوة سياسية» لتأثيث المشهد دون أن ينعكس ذلك على تحسين جودة عيش السكان أو على الرفع من الناتج الداخلي الخام أو على صنع سياسيين «كاميكاز» يدافعون عن الصحراء في المحافل القارية والعالمية.

فأغلب الجماعات القروية أو الحضرية كانت رئاستها تتوارث بين العائلة والأصهار (بالمناسبة رئيسة جماعة أولاد علي خلفت والدها مصطفى بوعبيد في هذا المنصب!) ولم تتمكن معظمها حتى من توفير وثيقة تعميرية توجيهية واحدة، فأحرى أن تنجز الطرق والمسالك والحدائق ورياض الأطفال والملاعب والمنتزهات.

فإذا أسقطنا فرنسا (التي ينقل منها المغرب كل شيء بالمقلوب) نجد أن معظم الدول المتمدنة بادرت إلى تقليص الطوابق الإدارية وحذف الجماعات وتقليص الوحدات الإدارية بما يخدم النجاعة والمردودية والفاعلية وتوفير المال العام، الذي عوض أن يصرف على تعويضات المنتخبين وسياراتهم و«مازوطهم» وتأمينهم و«كعب لغزال في حفلاتهم» يخصص للاستثمار في الأبواب المرتبطة بانتظارات المواطنين.

 «والله يجيب للي يسمعنا»!!