"اطلبوا العلم ولو في الصين"، أولى بوزيري التربية الوطنية والتعليم العالي، أن يكونا أسرع في التجاوب مع هذا القول المأثور، وحتى لا يتكبدا عناء 15 ساعة من الطيران، والمكوث هناك بعيدا عن الأهل والأحباب، فيمكن لهما الاكتفاء برحلة لا تتعدى ساعة ونصف نحو الشمال، وبالضبط نحو جامعة غرناطة الإسبانية، وحجز كرسيين ضمن قسم تعلم الحسانية، نعم الحسانية، التي أفرد لها دستور فاتح يوليوز 2011، فصلا خاصا يتحدث فيه عن "عمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة"..
في تجربة فريدة، يعمل الأستاذ ماء العينين العتيق الشيخ ماء العينين، في صمت، على تدريس مادة اللغة الحسانية في كلية الآداب جامعة غرناطة، ضمن المقررات الأكاديمية بأوروبا، ويتحدث في لقاء مع موقع "أنفاس بريس"، عن سياق هذا التدريس الأكاديمي، بالقول: "كنت أدرس اللغة العربية في هذه الجامعة لغير الناطقين بها من طلبة أوربا، وتقدمت بطلب للإدارة الجامعية، قصد تدريس اللغة الحسانية، إلى جانب اللهجة المغربية الدارجة، فوجدت اعتراضا من بعض الأساتذة الإسبان، الذين اعتبروا الحسانية لغة "الشعب الصحراوي" ولا علاقة لها بالشعب المغربي، وتداخلت الخلفية السياسية في هذا الموضوع، فكان ردي على شقين، هو أن هناك مناطق وأقاليم من قبيل طانطان وكليميم وطرفاية وأسا.. يتحدثون بطلاقة بهذه اللغة، ولا يمكن التحجير عليهم بدعوى أنهم غير صحراويين، بل من حقهم كغيرهم من الصحراويين التحدث بلغة أجدادهم، مهما وضعت الحواجز والحدود، وبالتالي فهي لغة مغربية، ومن جهة أخرى، فإن هناك ما يزيد عن 100 ألف إسباني يتحدثون الحسانية، وهم من أصول صحراوية، سواء من جنوب المغرب، أو مخيمات تندوف.."
وبعد نقاشات مطولة تمت الموافقة في فبراير 2015، على أن تكون مادة اللغة الحسانية في جامعة غرناطة كبقية المواد الأكاديمية، الرياضيات، اللغة الفرنسية، الفيزياء.. وحسب الأستاذ ماء العينين، الحاصل على دكتوراه الأدب العربي من جامعة فاس، فقد بلغ عدد الطلبة اليوم 30 طالبا، يمثلون دول إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبولونيا، وتشكل الطالبات، نسبة كبيرة منهم، وبعد أن كانت تدرس السنة الماضية في السنة الثالثة أصبحت في هذا الموسم الجامعي تدرس لفائدة طلبة السنة الرابعة.