رغم أن التصريح يعود بالضبط لشهر، عندما رفض الأمين العام لحزب جبهة التحرير الجزائري عمار سعداني التصريح حول قضية الصحراء خلال استضافته في برنامج "قضية ونقاش" الذي يبث على قناة "النهار" الجزائرية، مبررا رفضه بأنه لو تحدث عن القضية الصحراوية سيخرج الناس إلى الشارع، مؤكدا بأنه سيدلي برأيه في القضية في مناسبة أخرى، مضيفا أنه لابد من مراجعة الحسابات بخصوص العلاقة مع المغرب،فإن الكثير من علامات الاستفهام، مازالت تطارد قيادة جبهة البوليساريو، حيث أبدى أكثر من قيادي تخوفه من هذه التصريحات، بل عبر بعضهم بأنها تصريحات تثير الفزع وبأنها غير محسوبة، للأسباب التالية:
أولا: أنها صادرة من شخص يعتلي مسؤولية حزبية في تنظيم سياسي يتربع على المشهد السياسي الجزائري، خصوصا وأن جبهة التحرير الوطنية تعد أكبر قوة سياسية داعمة لقيادة البوليساريو.
ثانيا: أنها تأتي عشية عقد المؤتمر الوطني 14 لجبهة البوليساريو، في ظرف صحي صعب يمر منه زعيمها.
ثالثا: أنها تأتي في ظرف صحي صعب مماثل يمر منه عبد العزيز بوتفليقة، رئيس حزب جبهة التحرير الجزائري، الذي نقل في حالة غيبوبة لفرنسا.
رابعا: أنها تأتي في ظرف يتميز بتصاعد الاحتحاجات الاجتماعية في الجزائر، في الوقت الذي تنافح فيه السلطة السياسية وتدافع عن القيادة الصحراوية بالمال الوفير في المنتديات الدولية.
خامسا: بروز جيل من الجزائريين ما بعد سنة 1975، لا يعرف عن القضية الصحراوية، سوى أنها أصبحت تمثل عائقا أمام أي تقارب مغاربي، في ظل تعنت القيادة الجزائرية.. بل أنها أصبحت تشكل ثقلا على الميزانية العامة للبلد، في ظل اتساع دائرة الفقر..
سادسا: مهما قدم سعيداني تصريحاته بأنها شخصية، فالأكيد أن عددا من السياسيين سواء من داخل جبهة التحرير أو خارجها، يتقاسمونها مع الرجل، وهو ما كشف عنه سعيداني بالقول "لو تحدثت عن هذه القضية، يقصد الصحراء، "سيخرج الناس للشارع"، مما يؤشر أن مسألة وجود قيادة البوليساريو في مخيمات تندوف أصبحت مبعث ضجر وملل بعد 40 سنة من السراب..
أمام كل هذا سجل إعلام البوليساريو مؤخرا، دعوة عضو ما يسمى بالمجلس الوطني الصحراوي، التاقي مولاي ابراهيم، (دعوة) الرئيس بوتفليقة باعتباره رئيس حزب جبهة التحرير الوطني إلى اتخاذ إجراءات صارمة في حق سعيداني الذي وصفه بأنه "بدأ يهدم المكاسب التاريخية والآنية لجبهة التحرير الوطني من خلال خرجاته التي لا تمت لادبيات وسياسات وقرارات الحزب بصلة".
وعبر النائب عن ثقته الكبيرة في الرئيس بوتفليقة في سبيل محو الاثار السلبية التي خلفتها تصريحات سعيداني على نفسية، ما اعتبره، "الشعب الصحراوي".
كما سجل موقع "أنفاس بريس"، كتابات عدد من صحراويي البوليساريو، ينددون فيها بتصريحات سعيداني، شبه فيها بعضهم تصريحاته بأنها مثل تصريحات القذافي في آخر حياته لقضية الصحراء، وكيف رفع يديه عن دعم السعر الصحراوي بالمال والسلاح، معبرا عن قلقه من هذه التصريحات، وعبر آخر عن قلقه وتخوفه من أن يخلف سعيداني رفيقه بوتفليقة في رئاسة الجزائر، "كيف سيكون وضع الشعب الصحراوي حينها؟"، بل لم يتورع قيادي في جبهة البوليساريو من كتابة دعاء صيغته: "اللهم أنقذنا من سعيداني بتنحيه ومن قيادتنا باستقالتها النهائية من التسيير و التنظير"..
فهل ستبقى قيادة البوليساريو مكتوفة الأيدي وهي التي ظلت لعقود تكذب على اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف بأن قضيتها لا تقل أهمية عن قضايا الجزائر الداخلية؟ أم أنها ستسارع الخطى من أجل تطويق امتداد الغضب الجزائري منها ومن نظامه الذي يستخدمها دمية لمواجهة المغرب؟
قد لا نفاجأ غدا أو بعد غد إذا تمت تصفية عمار سعيداني بعد أن بدأ يهدد جبهة البوليساريو في وجودها، لتنسب العملية لقتلة مجهولين، كما حصل مع الراحل بوضياف عندما حاول توطيد علاقات الجزائر مع المغرب؟