الثلاثاء 8 إبريل 2025
سياسة

الباحث أحداف : هذه هي الأسباب التي جعلت " إف.ب.آي" المغربي يتألق منذ إحداثه

الباحث أحداف : هذه هي الأسباب التي جعلت " إف.ب.آي" المغربي يتألق منذ إحداثه

جاء إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية بموجب قرار مشترك وقع من طرف وزيري الداخلية والعدل، طبقا للتعليمات الملكية التي تسعى إلى تعزيز وتقوية وتطوير آليات الحكامة الأمنية الجيدة، وباعتبار هذا المكتب إحدى أهم الآليات المحدثة لمواجهة بطريقة أفضل وأكثر نجاعة التحديات الأمنية، والقضايا ذات الصلة باستفحال الجريمة

وخلافا لما يعتقد على نطاق واسع، فإن المكتب المركزي للأبحاث القضائية غير مختص حصريا بالبحث والتحقيق في الجرائم الإرهابية، إذ أنه علاوة على اختصاصه في محاربة الإرهاب، فإنه يختص أيضا بكل الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، الجرائم والجنح المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية والتي تجيز أحكامها للمكتب المذكور التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة  بوسائل الاتصال عن بعد، إذا كانت الجريمة تمس أمن الدولة أو كونها جريمة إرهابية، أو تتعلق بالعصابات الإجرامية، أو بالقتل والتسميم، أو بالاختطاف وحجز الرهائن علاوة على انعقاد اختصاصه بالبحث والتحقيق في الجرائم ذات الصلة بالأسلحة أو المتفجرات وفي قضايا الاتجار في المخدرات.

وقد تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع لمديرية مراقبة التراب الوطني من إفشال العديد من العمليات الإجرامية، من ضمنها تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية التي كانت تسعى إلى اغتيال شخصيات مدنية مغربية، أو القيام بعمليات إرهابية، وتم اعتقال أكثر من 2700 شخص لهم صلات بعمليات وخلايا إرهابية، بالإضافة إلى قضايا تهم المخدرات وغيرها.

وتبدو نجاعة المكتب المركزي للأبحاث القضائية واضحة بشكل لا تحتاج إلى إعادة تأكيدها، غير أن فعاليته في محاربة الجريمة تثير الاستغراب، لاسيما وأن الكشف عن هذه الجرائم التي تبدو مستعصية على الأجهزة الأمنية العادية تتم بسهولة كبيرة للغاية، غير أن فعالية ونجاعة رجال المكتب المركزي للأبحاث القضائية تعود على الأقل إلى عاملين رئيسيين:

- يتعلق العامل الأول بالإمكانيات اللوجستيكية التي يتوفر عليها المكتب المذكور، وهذا المعطى يؤكد حقيقة أن محاربة الجريمة والتحديات الأمنية التي يطرحها الإرهاب والجريمة المنظمة الوطنية منها والعابرة للحدود، وتهريب الأسلحة، وما يرتبط باستقرار المملكة هو ما يبرر مطالبنا بالانكباب جديا على تحديث وسائل عمل الضابطة القضائية ( سيارات، تجهيزات، وسائل إلكترونية للتعقب وغيرها).

إن فعالية المكتب المركزي تنبني بالدرجة الأولى على ما توفره الدولة له من إمكانات لوجستيكية هائلة اقتناعا منها بدوره المركزي كآلية أساسية لتطوير المملكة لمضمون إستراتيجيتها الوطنية في محاربة الجريمة وحماية الاستقرار الأمني ببلادنا، وهذا يؤكد مطلب تحديث الأجهزة الأمنية الأخرى بنفس الدرجة من الاهتمام توخيا لأقصى حدود الفعالية الأمنية الممكنة الأمر الذي من شأنه أيضا تخفيف العبء على  رجال المكتب المركزي، وربطا لفعالية هؤلاء بفعالية الأجهزة الإقليمية والمحلية.

- وتعود كعامل ثان – فعالية المكتب المركزي إلى مضمون ونوعية التكوين الذي يتلقاه رجال المكتب مقابل نوع من الإهمال لرجال الضابطة القضائية الأمر الذي يقتضي الّإسراع بمراجعة مدة التكوين ومضمون هذا الأخير بشكل يتيح على الأقل ضمان حدود مقبولة من النجاعة والنجاح في عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية وشبكات الجريمة الأمر الذي قد يعزز بشكل نوعي قدرات المملكة في حماية أمنها القومي واستقرارها الداخلي.

- إن هذا التحليل يذكرنا بإحدى الحقائق التي لطالما تم التغاضي عنها، فمقابل نجاعة المكتب المركزي ونجاح عملياته يبدو أن هناك بالمقابل فشلا أو قصورا في عمل الأجهزة الأمنية الأخرى بل أحيانا تحولها إلى جزء من المنظمات الإجرامية على غرار تورط أمنيين بفاس في عمليات إجرامية.

إن هذا المعطى إن كان يؤكد جاذبية فكرة إحداث.I.B.F. المغرب، فإنه يشكل من الوجهة المقابلة عامل إدانة للأجهزة الأمنية الأخرى، أو على الأقل لجزء منها، إذ أمام كل نجاح يحققه...I.B.F.المغرب، يقابله فشل، تقصير أو تقاعس وعدم نجاعة الأجهزة الأخرى في كشف ما كشفه رجال المكتب المركزي.

ومن جهة أخرى إن نجاعة وفاعلية المكتب المركزي تحمل بين طياتها أمرا بالغ الخطورة، يتعين الانتباه له والعمل على معالجته والتعاطي معه بما يلزم من جدية، ويتعلق الأمر بحقيقة أن فاعلية المكتب المركزي ونجاحه في التصدي للإرهاب والمخدرات وغيرها قد يولد نوعا من الاطمئنان لدى الأجهزة الأمنية الأخرى، لأن ...I.B.F. يقوم بما يلزم، الأمر الذي قد يولد الشعور بأن دورهم أصبح محدودا أو حتى غير ذي أهمية، وبالتالي تولد الإحساس لدى الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية بالتعويل على...I.B.F. بما يتوافر له من إمكانات وتكوين علمي، عوض قيامهم بما يلزم في تعاون وانسجام تام مع المكتب المركزي.

إن هذه التخوفات تبدو مشروعة على ضوء التجارب التي مرت بها بعض البلدان والتي عاشت ظاهرة صراع الأجهزة الأمنية ( الولايات المتحدة بين ..I.B.F..وA.I.C. والذي كان له أبلغ الأثر في وقوع أحداث 11 شتنبر) وتواري بعضها إلى الخلف تحت وقع نجاح الآخر.

وبالإجمال ربما يبدو ضروريا على الأقل في المدى المتوسط إحداث فروع للمكتب المركزي على الصعيد الإقليمي لخلق نوع من لامركزية المكتب تسهيلا له للقيام بعملياته، ومن أجل ضمان حد أدنى من جسور التعاون مع الأجهزة الأمنيةالإقليميةدوننسيانالاستمرارفيبناءجسور التعاون مع الأجهزة الأمنية على الصعيد الدولي في إطار مقتضيات التعاون الأمني والقضائي الدولي للمملكة لاسيما مع أحد أهم حلفائنا، الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا إسبانيا وفرنسا من أجل خنق ومحاصرة شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة.