الأحد 19 مايو 2024
خارج الحدود

حاجة فرنسا إلى ركن المفتي حتى لا تبقى محتلة من طرف الوهابية

 
 
حاجة فرنسا إلى ركن المفتي حتى لا تبقى محتلة من طرف الوهابية

لماذا لا تخصص إحدى القنوات الفرنسية برنامجا عبارة عن ركن للمفتي موجه للمسلمين الفرنسيين؟ سؤال يجد مشروعيته في الأحداث التي وقعت أخيرا، والتي هزت فرنسا، حيث وقف وراءها مسلمون فرنسيون عاشوا مهمشين فوجدوا في خطاب التطرف محضنا لهم، وبالتالي فإن الجمهورية الفرنسية، التي تزعم أنها لائكية، تتحمل المسؤولية في هذا المستوى.

والسؤال الجوهري هنا: لماذا لا يتم تخصيص حيز في الإعلام الفرنسي للفتوى والتوجيه الديني الخاص بالمسلمين؟

المسلمون في فرنسا يشكلون الكتلة الثانية لأتباع الديانات السماوية بعد المسيحيين. أليس من حقهم التمتع ببعض الاهتمام الذي توليه الدولة لباقي الديانات الأخرى؟ لم يعد المسلمون الفرنسيون أقلية ولكن كتلة مهمة تشارك باقي أتباع الديانات الأخرى واللادينيين المواطنة، التي تنتقص منها الدولة الفرنسية، التي تفرض علمانية توجد في رؤوس السياسيين والمسؤولين فقط.

نعم فرنسا دولة لائكية لكنها تحترم الأعياد المسيحية والمناسبات المرتبطة بها، ويتم تخصيص عطل للفرنسيين بهذه المناسبات، غير أن المسيحيين ليسوا وحدهم فرنسيين، فكيف لا تقوم الدولة الفرنسية بتخصيص عطلتين بسيطتين للمسلمين الفرنسيين في عيد الأضحى والفطر؟

تخصيص عطل للمسيحيين بينما تفرض الدولة على المسلمين الفرنسيين الاشتغال في الأعياد الدينية يشعرهم بالإهانة وينمي بواكير الحقد لديهم، التي تنضج مع الزمن وتتحول إلى مادة قاتلة.

إن الذي يوفر المادة الخام لداعش، ويهيء لها ظروف استقطاب مواطنين فرنسيين هو التمييز الذي تقوم به الدولة الفرنسية، الذي يشعر المسلم الفرنسي بأنه من درجة متأخرة عن باقي مواطنيه، فيحاول الانتقام بأي طريقة يجدها أمامه.

وإذا أردنا توصيفا للمسلم الفرنسي فهو مثله مثل المسلم في أي بلد، كالمغرب مثلا، فهو مسلم يؤدي واجباته الدينية وقد يفرط في بعضها، لكن لديه معايير متعارف عليها وهي بسيطة طبيعيا، لكن لما تُطرح عليه إشكالات يلجأ إلى من يفك ألغازه.

المسلم الفرنسي لما تُطرح عليه بعض الإشكالات يلجأ إلى أقرب مسجد إلى داره، ويسأل من يجده هناك عن أمور تتعلق بالدين. فهل تعرف فرنسا من يقوم بالتوجيه الديني؟ على فرنسا أن تعرف أنه باستثناء بضعة أئمة وسطيين وخصوصا المغاربة فإنها تحولت إلى دولة محتلة من قبل الوهابية الخليجية التي تتسرب مع المال القادم من هذه البلدان ومع الاستثمارات، وبالتالي لا يبقى أمام المسلم الفرنسي سوى كتب تكفر الدولة الفرنسية نفسها.

كل هذه الأمور تفرض على فرنسا إعادة النظر في تعاملها مع الإسلام الفرنسي، وأن تعتبر مواطنيها الذين يعتنقون هذه الديانة كاملي المواطنة، ومن حقهم أن يحظوا بالرياعة من قبل الدولة كما ترعى المسيحيين، وان تمنحهم حقوقا دينية كما هي لغيرهم.

والأهم من ذلك هو رعاية خطاب ديني فرنسي كامل، أي أن تقدم للمسلمين الفرنسيين إسلاما فرنسيا خالصا عبر الفتوى وعبر الإرشاد الديني وبلغة فرنسية بسيطة يفهمها الطبيب كما يفهما البسيط من الناس، خطاب ديني يسائل اهتمامات المسلم الفرنسي وبدون ذلك سيجد ملاذه عند التكفيريين.

إشارة: العنوان من اختيار هيأة تحرير الموقع