الاثنين 23 سبتمبر 2024
مجتمع

عبد الصمد صدوق: حالة الغليان التي عرفتها طنجة ومدن أخرى مرتبطة بالمشاكل التي طرحتها عقود التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء

عبد الصمد صدوق: حالة الغليان التي عرفتها طنجة ومدن أخرى مرتبطة بالمشاكل التي طرحتها عقود التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء

يرى عبد الصمد صدوق، الكاتب العام لترانسبارانسي المغرب، أن حالة الغليان التي تعرفها طنجة ومدن أخرى، يرتبط أساسا بالمشاكل التي طرحتها عقود التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء ومنها غلاء الفواتير. كما تطرق لبعض مكامن الخلل في إبرام عقود تدبير الماء والكهرباء بكل من الدار البيضاء والرباط وطنجة وتطوان، حيث أبرمت هذه العقود دون عروض أثمان ودون مسار فيه تنافس، إلى جانب كونها عقود لا يمكن التوصل بمعلوماتبشأن بنودها، وبالخصوص البنود التي تهم المرتفقين. مشيرا إلى أن هذه الاختلالات لا تقتصر فقط على عقود تدبير الماء والكهرباء، بل تشمل أيضا عقود تدبير النقل الحضري وعقود تدبير النفايات.. موضحا أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات أكدت أن هناك خلل كبير في هذه العقود.

+ تغلي الساحة حاليا في عدة مدن، وعلى رأسها طنجة، بسبب الزيادة في فواتير الماء والكهرباء، ما الذي حدث حتى وقع الفأس في الرأس؟

- ليست لدي معطيات دقيقة كي أعرف ما وقع بالضبط، لكن الأكيد أن المشكل في الأصل هو عقود التدبير المفوض للماء والكهرباء سواء في طنجة أو تطوان، وربما هناك مشاكل فيما يخص الفوترة، أي غلاء تعريفات الماء والكهرباء .

+ في الندوة التي نظمتها   ISCAEحول التدبير المفوض طرحت إشكالية الشفافية في إبرام عقود التدبير المفوض بالمغرب مع الشركات الكبرى، أين تكمن العيوب في هذا الباب؟

- تكمن العيوب في عدة نقاط. أولا في طريقة تفويت العقود الكبرى التي لدينا الآن فيما يخص تدبير الماء والكهرباء بكل من الدار البيضاء والرباط وطنجة وتطوان، حيث أبرمت هذه العقود دون عروض أثمان ودون مسار فيه تنافس. وثانيا، فيما يخص الوصول إلى المعلومة المتعلقة بهذه العقود، فهي عقود لا يمكن التوصل بمعلومات بشأنها، ليس لدينا الحق في الاطلاع على بنودها وبالخصوص البنود التي تهم المرتفقين والمواطنين رغم أن القانون الصادر عام 2006 (صدر بعد إبرام هذه العقود) ينص في الفصل 14 على أنه من الضروري أن تكشف هذه العقود للعموم على الأقل فيما يخص البنود المتعلقة بالمرتفقين، وفي العلاقة مع الزبناء. ليس لدينا أيضا الحق في الوصول إلى المعلومة المتعلقة بتقارير المراقبة، باستثناء مع يقوم به المجلس الأعلى للحسابات، وهذا بالطبع إيجابي جدا، يعني أن ما نسميه LES REVUES ANNULLES التي تهم عقود التدبير المفوض غير مطروحة للعموم.وثالثا، العيب الكبير هو كيفية مراقبة تنفيذ عقود التدبير المفوض التي أبرمناها مع شركات عالمية كبيرة، فهنا نسجل وجود خلل كبير أظهرته تقارير المجلس الأعلى للحسابات، فيما يخص طريقة المراقبة، وفيما يخص أجهزة المراقبة. فمثلا الأطر التي تسهر على المراقبة هي أطر عاملة لدى المفوض له، وبالتالي فالمسار المهني لهؤلاء يدبر من طرف المستفيدين من عقود التدبير المفوض.. يعني هناك خلل كبير سواء فيما يتعلق تمرير الصفقات ولا فيما يخص تنفيذها ومراقبتها ولا فيما يخص تأثيرها على المواطن.

+ لكن مثلا ليدك بالدار البيضاء مدرجة بالبورصة، وبالتالي فالمعلومات متاحة للعموم حسب القانون، أين يكمن المشكل إذن؟

- ليدك هي الشركة الوحيدة التي تنشر معلوماتها المالية باعتبارها شركة مدرجة في البورصة، أما باقي الشركات فليس لدينا الحد الأدنى للمعلومات.. ولما نطلع على الوضعيات المالية الخاص بليدك نجد مثلا أن مردودية الرأسمال تساوي 17 في المائة، هذا رقم رسمي، 17 في المائة مستوى عالي جدا بالنسبة لشركة تسيير التدبير المفوض، وإذا أضفنا إلى هذا الرقم مجموعة من المبالغ التي سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أشار إليها فيما يخص الأموال التي تمرر تحت يافطة الدعم التقني الذي تقوم به الشركة العالمية الأم أو التكوين سواء بالنسبة لليدك أو غيرها. فليدك مثلا لديها إمكانية إبرام عقد مباشر مع الشركة الأم المتواجدة بالخارج، وهذا يمكنها من تحويل مبالغ مالية مهمة تحت يافطة الدعم التقني والتكوين إلخ. فلما نرى مثل هذه الأرقام المالية، ألا يجب أن نتساءل عن مدى جدوى إبرام عقود التدبير المفوض، وبالخصوص عدم التفاتنا كدولة لأهمية التفاوض قبل إبرام عقد التدبير المفوض وثانيا مراقبة تنفيذه.

+ لماذا يتم التركيز على الشركات الفرنسية في عقد التدبير المفوض، ويتم تناسي المكتب الوطني للماء والكهرباء الذي بدوره تحتج عليه الساكنة، فهل للأمر علاقة بحسابات سياسية بين حزبي "البام" و"البيجيدي"، أم هناك دواع أخرى؟

- أولا، لا تحملني مسؤولية التغاضي عن الوكالات العمومية للماء والكهرباء أو المكتب الوطني للماء والكهرباء فهذا غير صحيح.. فقبل عام، لما تمت الزيادة في أسعار الماء والكهرباء، كانت هناك احتجاجات في مجموعة من المناطق التي يحضر فيها المكتب الوطني للماء والكهرباء.. أما باقي الأسئلة من قبيل: لماذا اندلعت الاحتجاجات بطنجة في هذا التوقيت بالذات وبعد الانتخابات؟ وهل للأمر علاقة بسياسيين؟ لست أدري، فليست لدي معطيات كي أقول بوجود ارتباط سياسي للاحتجاجات بطنجة من عدمه أو بالصراع بين "البام" و"البيجيدي".. هذا لا أخوض فيه، فأنا كمجتمع مدني، كترانسبارانسي، أقول إنه فيما يخص التدبير المفوض هناك خلل. هل له علاقة بحسابات سياسية أم لا هذه مسألة أخرى. فما يبرز من خلال تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومن خلال المعطيات المتوفرة لدي أن هناك خللا كبيرا في هذه العقود التي أبرمت مع الشركات وليس فقط في توزيع الماء والكهرباء، بل أيضا في النقل الحضري.. فلما أبرمنا اتفاقية مع وكالة النقل الحضري بباريس، جلبت لنا حافلات مستعملة لنقل المواطنين بالدار البيضاء، وهذا فيه شيء من الإهانة لنا كمغاربة.. التدبير المفوض فيما يخص جمع النفايات يطرح أيضا مشاكل.. وأنتم تعلمون المشاكل الكبيرة التي طرحها التدبير المفوض للنفايات بلبنان.. ففي هذه العقود أيضا ليس لدينا الحق في الوصول إلى المعلومات، لا نعرف كيف تمرر الصفقات، نجهل مضمون الصفقات، كي يكون لدينا كمواطنين الحق في مراقبة تنفيذ هذه العقود .

+ إذن، الضمان الأساسي في نظرك هو الحق في الوصول إلى المعلومات؟

- الضمان الأساسي هو أولا احترام القانون، احترام المساطير، أن تكون التنافسية. فنحن كترانسبارانسي المغرب ليس لدينا موقف سياسي من التدبير المفوض سواء بالرفض أو بالإيجاب، فهذا لا يدخل في صلب مهامنا.. وما يهمني هو المسار الذي تم في إبرام عقود التدبير المفوض: هل كانت هناك تنافسية، هل يمكننا الوصول إلى المعلومة، هل تخضع هذه العقود للمراقبة؟ وهذا شيء أساسي، لأن عقود التدبير المفوض هي عقود معقدة سواء على المستوى القانوني أو على المستوى التقني.. ونحن بحاجة إلى كفاءات كبيرة لمراقبتها.. وما يهمني هو أن يتوفر الأشخاص الذين يبرمون العقود على الإمكانيات والمؤهلات لمتابعة تنفيذها.