الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

كيف تفاعل الاستقلاليون مع ابتزاز حميد شباط للدولة للظفر برئاسة جهة فاس

كيف تفاعل الاستقلاليون مع ابتزاز حميد شباط للدولة للظفر برئاسة جهة فاس

التقت "أنفاس بريس" مناضلا استقلاليا مخضرما تدرج في هيئات الحزب وعايش أغلب قياداته الوازنة السياسية والنقابية، وناضل باستماته إبان تقديم المرشح المشترك في إطار الكتلة الديمقراطية.. استقلالي يتحسر على الوضع الذي وصل إليه حزب الميزان الذي كان يحسب له ألف حساب وجعله اليوم منطق الزعيم محطة نقاش الدوائر العليا بالبلاد ومسلسل للفكاهة والسخرية في حديث الخاص والعام وعلى موائد المغاربة، حيث وصف سلوكات شباط منذ أن أضحى صاحب الحل والعقد وسط العائلة الاستقلالية التي فرق بينها وشتت مناضليها بقولة غاية في الحكمة "حذاري أن تجادل السفيه، فقد يخلط الناس بينكما".

وعن سؤال وجهناه له أجاب الاستقلالي بأسئلة أخرى قائلا "هل فعلا يستحق شباط منصب القيادي الاستقلالي في هذه المرحلة الاستثنائية؟ وهل الرجل يدرك معنى قيمة أن تكون زعيما سياسيا لحزب خرج من رحم الشعب؟ هل يملك شباط مشروعا سياسيا مجتمعيا يساير متغيرات الواقع المغربي وارتباطه بالتحولات السريعة التي يعرفها العالم؟ بكل تأكيد يجيب محاورنا بالنفي قائلا "شباط أبان عن ضعفه السياسي واجتهد في تقديم صورة كاريكاتيرية مستفزة للحزب والبداية من تحالفه مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي عرف كيف يستغل ضعفه السياسي والمعرفي ويقدمه للرأي العام كزعيم لاهث وراء الكراسي والمناصب. وتساءل "لماذا لم يستطع شباط إقناع بنكيران منذ بداية العمل الحكومي بدستور 2011 على تنفيذ التزام حكومة عباس الفاسي بخصوص تشغيل الدكاترة المعطلين ونجح رئيس الحكومة في إصراره على إلغاء ذات الالتزام؟

واستطرد الاستقلالي قائلا "هي مجموعة من الملفات والمواقف ستكشف عن عورة الزعيم وتجعله يقرر الانسحاب من حكومة العدالة والتنمية.. إنه خطأ فادح وكارثي أكد أن شباط لا يتحكم في وزرائه بعد تشبث الوفا بمنصبه الحكومي، وأضحى موقف الانسحاب موقفا باهتا وضعيفا استقوى به غريمه بالمؤسسة التنفيذية والتشريعية".. هي ضربات متتالية بالكاو السياسي وسط حلبة بجمهور ذكي ومتتبع للمشهد السياسي، حيث يقول محدثنا "ليست هناك أي أسباب موضوعية تدفع بشباط للانسحاب من الحكومة". مفسرا ذلك بالضعف مع التعاطي مع الملفات الراهنة على مستوى العمل الحكومي وعمل المعارضة. والأخطر من ذلك يؤكد مصدرنا أن بنكيران استطاع أن يجر وراءه قيادات سياسية ومن بينها شباط لاستعمال أحط الألفاظ السوقية في الخطاب السياسي وكأنه يشتغل بزر التحكم عن بعد للهجوم بلسانه السليط على كل من يعتبرهم أعداء".

لقد كان من الممكن أن يرقى الخطاب السياسي إلى مستوى الرهان والتحديات التي ينتظرها المغاربة لكن لسوء الحظ استعملت القيادات ووظفت بشكل هزلي لقتل ما تبقى من روح وطنية في المناضلين الذين استبدلوا ب "الشناقة والبرغازة " والوسطاء، والحياحة ما نتج عنه حسب ذات المصدر "سلوك انتقامي ينتصر للحكومة التي كان لزاما على الشعب محاسبتها وتقييم عملها وقراراتها اللاشعبية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا حيث تمت معاقبة المعارضة وقياداتها البئيسة ومواقفها الرخيصة داخل المؤسسات".

وبالرجوع لسلوكات الزعيم الاستقلالي شباط وصف المتحدث قراره المرتبط بتقديم استقالته إن هو لم يحصل على نتائج إيجابية خلال استحقاق الرابع من شتنبر (وصفه) ب "رقصة الديك المذبوح" لأن شباط كان يدرك جيدا "نهايته المأساوية من خلال خرجاته الإعلامية التي كانت مجرد جعجعة بدون طحين، في حين أن بيت القصيد هو تغطيته على مطلب الاستقالة من الحزب والقيادة.وتساءل، كيف يستقيم الوضع مع قيادي يصف خصومه في حلبة تؤطرها قوانين منظمة للعبة السياسية ككل "بالدواعش" ثم يعود ويعتذر عن ذلك، ويبصم بالعشرة على أخوة جديدة مع أعدائه المفترضين بعد أن سحب البساط الفاسي من تحت قدميه ويصوت على غريمه الأزمي على منصب العمودية بعد أن قدم طعنا في لائحته وشهر بمرشحيها متهما إياهم بالفاسدين".

وبخصوص قرار المساندة النقدية للحكومة قال "من يكون شباط حتى يتخذ هذا القرار الارتجالي والعشوائي دون الرجوع لبرلمان الحزب الذي له صلاحية ذلك؟ وهل تشاور شباط مع قواعد حزب الاستقلال ومكونات المعارضة احتراما لمبادئ ديمقراطية الميزان؟".

وبخصوص قضية تداعيات الأزمة بحزب الاستقلال وابتزاز شباط للدولة، فقد اعتبر ذلك يمس بأسس العمل السياسي داخل المؤسسات قائلا باستغراب واندهاش "سبحان الله بالأمس القريب إخوان بنكيران دواعش في نظر شباط، واليوم يتحالف معهم ويساند حكومتهم "المتطرفة" حسب تحليلاته الطائشة.. إنه ابتزاز خطير.. يا إما أن أكون عمدة فاس بزز منكم أو أساند المد الإخواني للمصباح"... واعتبر بلاغ اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بلاغا محتشما لا يرقى إلى مستوى ربط المسئولية بالمحاسبة لأن كل الدلائل تشير إلى سقوط شباط في الفخ وكمين الابتزاز.

ومن جهة أخرى تحدث الإطار الرياضي الأستاذ محمد النوري بمنطق المهتم والمتتبع للشأن السياسي بخصوص الأزمة التي يتخبط فيها حزب الاستقلال وأكد لـ "أنفاس بريس" أنه "لم يستغرب لموقف شباط نظرا للسلوكيات التي أبانت وكشفت عنها هذه الانتخابات الجهوية والمحلية معتقدا أن السياسة بالمغرب عادت إلى مرحلة المراهقة بفعل الاستحقاقات الأخيرة التي غاب عنها النقاش السياسي الذي عوضه خطاب التنابز بالألقاب"، مستدلا في هذا السياق بالإسفاف والانحطاط الذي وصل إليه الخطاب السياسي من خلال خرجات زعيم حزب الراحل علال الفاسي منذ أن تسلم مفاتيح غرفة عمليات الميزان .

وقال محمد النوري، عن تبعات ذلك، لـ "أنفاس بريس"، إن سلوكات حميد شباط وخرجاته الإعلامية وتناقضات تصريحاته الصارخة جعلته يذهب إلى حدود ابتزاز الدولة مؤكدا على غياب المنطق السياسي للزعيم. موضحا "حتى التحالفات لم ترتكز على منطق سياسي متناغم حيث جمعت الأضداد.. اليسار مع اليمين.. المحافظ مع التقدمي.. العدو مع الصديق... لقد تاه السياسيون الذين صدرت عنهم تصريحات انفعالية، لكن لا أحد أدان الانتخابات". وحسب محدثنا، ومن خلال قراءته للوضع والمشهد السياسي المنحط على جميع المستويات، فقد أبان عن ضعف خطير أصاب كل مفاصل الأحزاب السياسية وعلى الخصوص حزب شباط وانحرافه عن طريق النضال لتحصين مكتسبات الشعب المغربي الديمقراطية على واجهة المسلسل الانتخابي التي انتزعتها قيادات تاريخية. مستغربا "لم نحقق التراكم الإيجابي لتطوير التمرين الانتخابي، لكن كرسنا بهذا السلوك عملية التحكم فيها من طرف أطر وزارة الداخلية بوسائل أخرى لا يمكن ضبطها جنائيا"، حيث وقف مشددا على نتائج ذلك بقوله "لقد تركوا الساحة لتجار الانتخابات التي عاثوا فيها فسادا في واضحة النهار".

وانتقد النوري حصيلة انسياق الزعيم وراء عشوائية منطقه السياسي الانتهازي قائلا "هذه السلسلة الهزلية كان من الطبيعي أن تنتج هذا النوع من المواقف الانتهازية والتي ابتعدت كثيرا عن روح دستور 2011 الذي يروم بناء المؤسسات". واصفا المرحلة بأنها "تكرس استمرار العزوف عن المشاركة السياسية وفقدان مصداقية الأحزاب وزعمائها على اعتبار أن السياسة لا تبنى عن ردود الأفعال  وتغيير المواقف بسرعة وإنما يحكمها المشروع والتوجه السياسيين"، حسب قوله .

وأشار النوري محمد في حديثه لموقع "أنفاس بريس" أن "حزب الاستقلال لم يعد له خيط ناظم مع مجيء شباط الذي خرج من الحكومة إلى المعارضة، وبالضبط معارضة بنكيران وحزب العدالة والتنمية، واليوم يعود إلى المساندة  النقدية لحكومته دون أن يفصح عن الدواعي والأسباب السياسية التي دفعته للخروج إلى المعارضة والعودة إلى المساندة، ودون العودة إلى برلمان الحزب الذي له وحده حق القرار ."

وبخصوص قضية تداعيات الأزمة بحزب الاستقلال وابتزاز شباط للدولة، فقد اعتبرها النوري، وفق تحليله السياسي، قائلا إن "قضية الابتزاز تدين وزير الداخلية قبل إدانة شباط، لكون أن أمور الدولة ليست لعب عيال، ولأن العملية الانتخابية واحدة معلنة للجميع وليست موضوع تفاوض في الكواليس، وأعتقد أن اللجنة التنفيذية للحزب ذهبت بعيدا لوضع البيضة في الطاس، كما يقولون، حينما طالبت وزير الداخلية بأن يقدم للرأي العام التوضيحات اللازمة في هذا الصدد، وتعتبر أن تقديم البيانات الكافية من طرف الوزير فيه احترام للرأي العام".