الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

أمنة مراد: معاناة بين أمواج انتخابية

أمنة مراد: معاناة بين أمواج انتخابية

لأول مرة في تاريخ المغرب يتم التصويت على أعضاء الجهة من طرف عموم المواطنين والمواطنات على أساس التقسيم الإداري الجديد للدوائر الترابية إضافة إلى المهام الموسعة التي سيتم إسنادها إلى هذه المجالس  الجهوية . ما فتح المجال  أمام التنظيمات السياسية للترويج لشعارات مفادها ما تنوي إحداثه من إصلاحات فضفاضة. والحقيقة هي التسابق على المقاعد التي ستجنيها،خاصة  وأن التجربة بدأت بالغرف المهنية . والتهافت على الوحدات الترابية سواء الحضارية أو القروية كان معيارا أساسيا للوصول إلى الجهات ليبدأ بعدها مسلسل آخر على طاولة المفاوضات تحت عنوان التحالفات.. .طبعا كل هذا يمكن أن نستخلص من ورائه مؤشرات أساسية تٌعتمد أيضا في الانتخابات المقبلة لسنة 2016  والتي ستحدد بدورها طبيعة التنظيمات التي ستحظى بتشكيل الحكومة   و الإحراز على مناصب وزارية أكبر من الأخرى.وهنا لا يجب أن يفوتنا الحديث عن الانعكاسات السلبية لهذا التقسيم الترابي و الذي اعتٌمد نتيجة تفتق عبقرية الفاعلين في دواليب القرار، مكرسين بذلك تعميق الأزمة ، فضم أقاليم منكوبة بجهة واحدة على سبيل المثال لا الحصر جهة ، درعة تافلالت التي تدخل ضمن مثلت الفقر, ماذا ستنتظر هذه الجهات من تنمية اجتماعية واقتصادية  تجتمع فيها قحولة هذه الأقاليم بأقاليم لا تفوتها بالشيء الكثير. فمدينة ورزازات التي تتوفر على مداخيل متواضعة بغض النظر عن ألموارد والخيرات التي تخرج من باطنها ولا تستفيد منها المدينة فجمعها ، باقاليم الراشيدية وزاكورة وميدلت هاته الأخيرة التي لا تتوفر على مداخيل أساسية ففقرها يزيد من متطلباتها الملحة في التنمية و مخطط التقسيم هذا يظهر عبقرية أفكار أصحابه الخارقة التي لا تعدو كونها  سخرية من المواطنين البسطاء بجمعها في جهة واحدة ما سيلبسها زي البؤس الذي يلبسه فقرائها  ويجعلها  بعيدة كل البعد عن أناقة المدن الكبرى الساحلية  أو المدينة الحمراء المعروفة بمداخيلها  العقارية والسياحية.   والفضيحة الكبرى أن هذا التقسيم على علاته  لم يأت مصحوبا بمخطط استراتيجي للتنمية .  وهنا نتساءل  هل ينتظر هذا تشكيل المجلس الجهوي ليقدم مقترحا في هذا الشأن ؟ أم ربما ينتظر أمطار الخير ليقدم مشروعه ليكلل بالنجاح؟.  وفي انتظار هذا وذاك   إلى ماذا سيؤول مصير الفقراء  بهذه الجهة.؟ وهنا سنرجع لاستكمال الحديث عن هذه   الجذبة الانتخابية  التي لم تظهر في برامج هذه الأحزاب أي إشارة للنساء ضحايا القروض الصغرى فيها بل أصبحت هذه الأخيرة تذكر في المنابر الإعلامية الدولية أكثر من أحزاب تعتبر نفسها وطنية وتعنى بشؤون المواطنين والمواطنات ولا غرابة في ذلك لان حتى   مقراتها لا يتم فتحها منذ كرائها حتى تبتدئ الحملة الانتخابية لتغلق فيما بعد ،بل أكثر من ذلك لا يتم الانتماء إليها من طرف المرشحين إلا عقب البحث عن التزكيات للأسف الشديد ، هذه هي الأحزاب عندنا. فمن المفروض على الحزب باعتباره تنظيم سياسي أن تكون له انشغالات بهموم الفئات التي يمثل وهذه الاهتمامات يجب أن تكون يومية  وفق مبادئ متضمنة في مرجعية واضحة يتم من خلالها تحليل الوقائع والأحداث لتجاوز كل العراقيل وتسطير برامج شاملة وواضحة كقاعدة أساسية لتعبئة جماهيرية هي من ستوصله لمراكز القرار لأن الأساليب التي يعتمدها كل المغاربة في التعبئة للانتخابات والتي أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا علاقة  لها بالسياسة بقدر ما لها علاقة بالسمسرة والتسابق على المقاعد ...وما أستعمل المال في نيله لا يمكن إلا أن يكون أداة لجنيه، فالانتخابات لفرز ممثلي الشعب في الدوائر الترابية إن لم تتطرق لجذور المشاكل والهموم اليومية للمواطن ماذا يمكن أن ننتظر منها؟...وهذا ما يدفعنا للتساؤل أيضا ما إذا كان المرشحين المحتملين والباحثين على المقاعد البرلمانية  سيعملون هم أيضا على غض الطرف على هذا الملف ويؤكدون أن الهدف من هذه الانتخابات هو المصالح الضيقة لا مصالح الفئات الشعبية المقهورة التي لا زالت ترزح تحت تحالف المال والنفوذ ،مما سيحدو بنا للإجماع على أن الانتخابات هي مجرد مسرحية يشرف على فصولها المخزن، وفي اغلب الأحيان تعطى فيها تعليمات عبر خيوط تمسك بكراكيز المسرحية حتى تنفد مهامها بإحكام .وهنا سنرجع للحديث على النساء ضحايا القروض الصغرى لنربط علاقتها  بهذا كله وكذا علاقتها  باتفاقية مناهضة جميع أشكال الميز ضد المرأة ( CEDAW( والتي صادق عليها المغرب وكثرت ضجة الحديث عنها  في الآونة الأخيرة .’ فبتفحص بنودها نجد بأن ما يجب أن تكون عليه وضعية المرأة في المغرب بعيد كل البعد عن ما تعانيه من تدهور على جميع الأصعدة.ومن خلال الإبحار بين متاهات سطورها يتبين طبيعة النفاق التي تمارسه الدولة وكذا كل الفاعلين والممثلين في الحقل السياسي في هذا المجال. فهذه  الاتفاقية بما تحمله من ايجابيات لا نجد في بلادنا من ينادي بتطبيقها أو بالأحرى بتنزيل بنودها في قوانين تطبيقية لنقول على الأقل أن الترسنة القانونية قد تم فعلا ملائمتها إلى حد ما مع المواثيق الدولية.  - وطبعا لن نذكر أن بعض المحافل لتنظيمات حقوقية  تنتهي نقاشاتها وأفكارها حول هذه الاتفاقيات بمجرد أن ترفع طاولة الحوار لتستبدل باستراحة الشاي -. وهنا ربما يتساءل القارئ عن علاقة السداو بالنساء ضحايا القروض الصغرى وذلك لأن لوبي جمعيات القروض الصغرى توجه للنساء بشكل كبير مستغلا الجهل والأمية التي تعاني منهما هذه الشريحة نتيجة الميز الذكوري الممارس في مجتمعنا وخصوصا في البوادي والمداشر النائية  التي ركزت  فيها كل جهودها  لاستنزاف هذه الفئة مستغلة إياها بإقحامها في ديون بفوائد جد مجحفة  ما زاد من حدة معاناتها  التي كانت تقاسي فيها ويلات شظف العيش والذي كان من المفترض وضع حد لها بمجرد التوقيع على هذه لاتفاقية. فالتنظيمات الحقوقية والسياسية التي سعت لوقت طويل  لدفع  الدولة للتوقيع على هذه الاتفاقية لم تعر اهتماما لمعانات النساء ضحايا القروض الصغرى اللاتي عانين من  الانتحار والتفكك الأسري والتشرد والتعاطي للدعارة تحت ضغط وتهديد مافيا جمعيات القروض الصغرى بزجهن في السجن ان لم تدفعن أقساطا أثقلت كاهلهن بالفوائد المرتفعة والمبالغ فيها’ وذلك كله جراء عدم تطبيق هذه الاتفاقية وتفعيلها ليبقى شأنها شأن  سابقاتها كالتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة و الطفل ما يجعنا نجزم بأن كل هذه الاتفاقيات هي مجرد ديكور وحلي تزين به بلادنا  مكانتها  بين الدول التي تتكنى بالديمقراطية   لا أقل ولا أكثر . فاذا كانت حكومة بن كيران قد غضت الطرف على  تفعيل القانون في هذا الملف بسبب تحالفها مع هذا اللوبي الفاسد فقد عززت كل هذا بنهجها و بشكل فعلي وملموس سياسة عفى الله عن ما سلف بالنسبة للمفسدين وناهبي المال العام  وحاولت أن تلزم النساء ضحايا القروض الصغرى بآداء ديون لجهات لا حق لها في تحصيلها مسخرة في ذلك محاكمها وأجهزتها التنفيدية. والسؤال المطروح هل سيستمر هذا السيناريو مع من سيخلف هذه الحكومة ويرث كل ماراكمته من كوارث وجرائم وخروقات وما إلى ذلك من تراكمات تحتاج إلى فترة فاصلة لتصفيتها حتى يتسنى لهذا الخلف أن يبدأ بداية صحيحة وسليمة .