في حوار مع جريدة"Econonomie entreprise" قال الوزير الوفا إنه سيعتزل السياسة بعد أربعين عاما من الحركة. وقد علّق قائلا، كما نقلت أخباراليوم: (لقد حصلتُ على جرعتي). الجملة بليغة، مثل رسالة شعرية. فنحن نعلم بأنّ الجرعة، عادة، تصف أمراً يسيرا يتكرر كالدواء أو الماء. لكن الرجل أفنى عمرا كاملا في السياسة متنقلا بين المناصب، فهل هي جرعة فقط؟ عمر كامل مثل هذا، يبدو جرعة، فقط، بالنسبة لديناصور. وهو حال كل السياسيين المغاربة، الذين يتنقلون بين المناصب ويمارسون السياسة ويفوزون في الانتخابات ويحتلون المناصب الكثيرة فتجد بعضهم برلمانيا ورئيس غرفة ورئيس جهة ورئيس مجلس بلدي ورئيس خمسين جمعية مدنية، وتجد منهم من يترشّح وهو على سرير المرض أو الموت. وحين يدركهم عزرائيل، يبكون الدموع الحارة لأنهم لم يحصلوا بعد على الجرعة الكافية. بينما الشباب، من داخل الأحزاب، يكتفون بممارسة مهامهم ضمن الطابور الإضافي، فيرفعون الشعارات ويبوسون الأكتاف ويحرقون أحذيتهم في العمل والركض طمعا في رضى الزعيم الذي يأبى أن يموت دون أن يتموقعوا كما تقتضي الحياة ودون أن يصبحوا زعماء داخل مؤسساتهم، فتراهم يتحسّرون أمام المنافذ المغلقة ولا يبوحون. وخارج الأحزاب، يبحث الذين لا يمارسون السياسة عن متنفس في مجالات أخرى إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلا. إنه موسم الحركة إذن، لكنها حركة في الخواء. ستدور الدوائر من جديد، ويتموقع الشيوخ في مناصبهم التي لا تتغير، أما شرايين البلاد التالفة، فلا أحد يريد التفكير في مصيرها.