الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد صفر: هل للمشاهدين حقوق !!؟؟

رشيد صفر: هل للمشاهدين حقوق !!؟؟

للطفل حقوق. للمرأة حقوق.. للزوج حقوق..للعامل حقوق..للمريض حقوق.. للتلميذ حقوق.. للمعاق حقوق.. إلى آخر صاحب حق ولائحة حقوقه المنشودة.. فهل للمشاهد حقوق !!؟؟.وهل يحق للمشاهد المغربي أن يطالب المسؤولين عن الفرجة التلفزيونية والسينمائية بحقوقه؟ وأين تتجلى حقوقه؟ وماهي الفصول القانونية التي تحدد هذه الحقوق؟ وهل من عقوبات يمكن أن تطبق في حق من لم يحترم حقوق المشاهد؟ ومن المسؤول عن عدم الإلتزام بها؟ "الهاكا"؟ .. وزير الإتصال؟ وزير الثقافة؟ مدير القناة؟ مدير المركز السينمائي؟ مدير قاعة السينما؟ لجنة الانتقاء؟ صاحب فكرة العمل الفني؟ كاتب السيناريو؟ المنتج؟ المخرج ؟ الممثل؟ الكاميرامان؟ "مولات البيل في السينما"؟ .. تتداخل المسؤوليات وكل يرمي بالكرة في اتجاه الآخر، إلى أن تصل للفنان المشخص لأدوار العمل الفني التلفزيوني أو السينمائي فيصبح أضعف حلقة في سلسلة الإنتاج السمعي البصري، فتوجه صوبه سهام النقد اللاذع حد التهديد.

مناسبة هذا الكلام هو ما يروج من جدال ونقاش، منذ سنوات خلت عن حقوق المشاهدين للبرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية في بلدنا الحبيب، ولعل بعض الأجوبة التي تبدر من حين للآخر على لسان بعض المسؤولين عن الفرجة السمعية البصرية، والفنانين والمخرجين رصد لردة فعلهم عن الحكم القيمي الذي يرمى في اتجاه صناعة الفرجة المذكورة، وبالتالي تقييم لنضجهم في الردود من عدمه.. فهذا فنان يجيب عن رداءة عمل تلفزيوني شارك فيه بـعبارة (من لم يعجبه العمل التلفزيوني عليه أن لا يشاهده) على وزن "وكم حاجة قضيناها بتركها"، وهذا مخرج زوَّق فيلمه بكلمات ساقطة وزميل له حول السينما لأداة للإثارة الجنسية، يقولان : المنتوج غير موجه للمنازل (شأن أعمال التلفزيون) ومن لا يروقه العمل لا يقتني تذكرة الدخول لقاعة السينما. أو آخر يصيح : (هذا الفيلم الذي لم يعجبكم هو واقعكم يا معقدين زوروا المغرب يا مغاربة)..

حتما سيكون الرد على المخرج (مول التذكرة والواقع) على لسان البعض : وهل قال لك المغاربة أن هذا الفيلم يتحدث عن شعب هولولولو؟، وليس عن وطن يتكون من دولة ومواطنين لهم أعراف وتقاليد وقوانين تحدد العلاقة بينهم وبين بعضهم البعض وتسطر حدود حريتهم، يا متفتح حد كشف العورات واللحظات الحميمية بين الذكر والأنثى.. أين الإبداع؟ فهل تصوير لقطة جنسية يدخل في إطار الإبداع السمعي البصري الحضاري الذي يعالج الواقع ويطرح الإشكاليات بحس فني وأسلوب فلسفي عميق بعيد عن الأسلوب الفج المباشر، الذي يتوسل لقطات لا أساس لها من الإبداع، يمكن أن يتكلف بتصويرها أبسط مواطن لا تربطه علاقة بالإخراج من بعيد أو قريب، ولو بهاتف متنقل ضعيف الجودة من خلال التلصص على بورديل وتوجيه كاميرا الهاتف صوب سرير "بائعة الجسد" وطالب للمتعة الجنسية. (ما يطلبه المشاهد المغربي في المنتوج السمعي البصري هو التثقيف والتسلية والجودة في الشكل والموضوع والعمق في زاوية الطرح، بعيدا عن الاستخفاف بذكاء الجمهور) وهي عبارة يرددها الكثير من نقاد العمل التلفزيوني والسينمائي.

يجمع الكثير من الباحثين المهتمين بالمجال أن إصلاح قطاع السينما والتلفزيون بيد المسؤولين الكبار، الذين غالبا ما يتم إشهار ورقة الإعفاء والاستقالة أو المحاكمة في وجههم، بعد عرض كل منتوج سمعي بصري فاشل أو فاضح أو ضعيف على مستوى الجودة أو به رائحة فساد إداري و"باك صاحبي" أو "هاكا" و"أرا". لكن تبقى عملية وضع اليد على المسؤول المباشر عن الرداءة السمعية البصرية من الأمور الشائكة، وتتطلب صولان وجولان في دهاليز الإدارة والمحاكم، انسجاما مع الطرح الحضاري لمواجهة مشكل رداءة الإنتاج السمعي البصري في دولة مثل المغرب، ويرى خبراء "الحكامة التلفزيونية" و"أختها السينمائية"، أن مقاطعة المشاهدين للأعمال الفنية الفاشلة هي الكفيلة بغربلة الإبداع الفني الراقي وتمييزه عن غيره من الأعمال الأخرى، التي لا أصل لها ولا هدف سوى حصد الملايين والضحك على الذقون، لكن هذا لن يمنع المشاهدين من مشاهدة هذه الأعمال قبل الحكم عليها في ظل تأكيد مسألة رفض الوصاية على أذواق الجمهور، ومن المعلوم أن الفرجة "السايبة" والمال "السايب" في جميع البلدان يعلمان السرقة والرداءة وتصوير اللقطات الفاضحة وتسجيل الكلمات الساقطة.. وأن "الممنوع مرغوب" وهو ما يجعل بعض المخرجين السينمائيين العاجزين عن الإبداع يرتمون في أحضان الأعمال المثيرة للجدل لتحقيق الشهرة وأشياء أخرى تعشش في خيالهم..