الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: عيد مبارك سعيد

عبد الحميد جماهري: عيد مبارك سعيد

نحن الذين كنا نقرأ في كل عيد

"رسالة إلى لله الكريم"

ونحلم بأن ساعي بريد سيدق في الغد يحمل الهدايا إلينا من رئيس المركز القريب، لم نعد نصدق، منذ ذلك اليوم أن الرسائل لم تعد تصل إلى أصحابها وهي تحمل "هدية من لله الكريم"..

خرجت السماء من عنصر المفاجأة، كما ربيناه في عقلنا الصغير

وفي أحلامنا الرطبة، تحت ملاءات صوفية ثقيلة، من فرط البرودة لا من فرط الصوف!

لم نعد نبنى أوهاما كثيرة على العيد ..

ذلك هو الدليل الوحيد، وربما بأننا خرجنا من الطفولة بالخسارات اللازمة للرشد!

عندما كبرنا ورأينا الأحلام تكتسحها الإتيولوجيا والأنبياء الجدد المزيفين

وصار أكبر أحلامنا أن نموت ميتة طبيعية

لا يفجر صغيرنا في حافلة

ولا كبيرنا في مسجد..

كنا نحلم لما كان نبينا يعلن عن هويته بلا سوء الكبر

ولا كسل نفطي مترع:

المهنة: راعي

والسكنى: حارة في أطراف المدينة،

ومشروع انتقال إلى إقامة في الجنة!

وقتها لم يكن للعيد من معنى سوى

أن نفرح وأن ننتظر، في طابور متفرق، القادمين من المصلين،

وقد زادوا في العطر

أو زادوا في البياض..

وندخل البيوت بيتا بيتا

نهنئ بالعيد أحبتنا في القرى

ومن تبقي من النصارى أو من جاورنا من اليهود!

عيد مبارك سعيد

أيها الطفل الطري،

هنا كعك وهنا ورد

وهنا لآليء ودجاجة ذهبا لا يبيض

أقول عيد مبارك سعيد

وأنا أفكر

في ربابة ربة البيت..

تصب الخل في الزيت

لها سبع دجاجات

وديك حسن الصوت..

وكل الفرح الذي كان يرافقنا بنعاله الميكا وسراويله القصيرة بين الأزقة والدروب

بحثا عن حلوى مغطاة بالريق أكثر من السكر..

أقول عيد مبارك سعيد

وأفكر في كل الحيوانات التي خرجت من خيالنا وسكنت

.. التلفزيونات والجرائد..

أفكر في «عين إشبيليا» الذاهبة مع الغجر الهاربين من الأندلس..

وأفكر في معلم القسم الخامس، برهبة العيد يستظهرنا

سورة الفلق

ثم.. الفلقة!

عيد مبارك سعيد

أيتها الدول المسلمة،

من الوقود… إلى الوقود!

نحن الذين كنا نقرأ في كل عيد

"رسالة إلى الله الكريم"

نعرف حاجة الحكومة

إلى السماء

ورغبتها في أن يكون

"موطأ" الإمام مالك

مصنفا في الاقتصاد السياسي..