Sunday 28 September 2025
مجتمع

أنور الشرقاوي: خديجة وأصابعها الذهبية التي أنقذها الكشف المبكر والطب الحديث

أنور الشرقاوي: خديجة وأصابعها الذهبية التي أنقذها الكشف المبكر والطب الحديث الدكتور أنور الشرقاوي
(قصة مستوحاة من حكواتي ساحة جامع الفنا)
 
تذكّروا ايها السيدات والسادة : إذا استيقظت أصابعكم، أو ركبكم، أو مفاصلكم تؤلمكم وتنتفخ، لا تقولوا: هذا كِبر السنّ. أسرعوا إلى الطبيب! فكلما كان التشخيص مبكراً، كان العلاج أقدر على حمايتكم وإبقائكم واقفين في وجه الحياة* 
اقتربوا أيها السادة والسيدات، اجلسوا على الحصر، افتحوا آذانكم، وأطلقوا قلوبكم على سجيتها.
هذا المساء، سأحكي لكم حكاية خديجة، الخياطة التي قيل إن أصابعها من ذهب.
خديجة ليست أميرة، لكنها في ورشتها الصغيرة ملكة حقيقية.
في الخامسة والأربعين، ما زال وجهها يلمع بشيء من الشباب، وعيناها تشعّان بدهشة وذكاء.
 
نساء الحيّ يتهامسن عنها:
> "أصابع خديجة مباركة."
بيوت الأثرياء تدق بابها في السرّ
تسلّمها حرير تارودانت، ومخمل فاس، وبروكار تطوان،
فتجلس صامتة، تُدخِل الخيط في الإبرة، وكأنها تصلّي.
غرزة وراء غرزة، يتحوّل القماش إلى حلم.
لكن اسمعوا جيّداً… فالحكاية لم تنته هنا.
ذات صباح، أحسّت خديجة بثقل في أصابعها.
تورّمت، تيبّست، صارت توقظها ليلاً من نومها.
في البداية قالت في سرّها: "تعب… سيزول."
لكن الأيام تمضي، والألم يكبر، واليد لا تعود كما كانت.
مشت إلى طبيب مفاصل.

سيدة تتقن فن خياطة القفطان المغربي يمكن أن تفقد عملها بسبب الرماتوييد
 
 
جلس أمامها طويلاً، لمس يديها كما يلمس أحدهم كتاباً مقدّساً، ثم قال لها بصوت هادئ:
— "خديجة، ليس عملك هو السبب. إنها مرض اسمه التهاب المفاصل الروماتويدي. إن اكتشفناه مبكراً وعالجناه سريعاً، نستطيع أن نحمي يديك من التشوه ونبقي قوتهما."
فهمت خديجة أنّ القضية ليست في أن تتوقف عن الخياطة، بل أن تبدأ العلاج فوراً.
ومنذ ذلك اليوم، كل قفطان كانت تخيطه صار علامة أمل،
برهاناً أنّ المرض حين يُكشف في بدايته، لا يستطيع أن يكسر مصير إنسان.
 
الحكواتي يعتدل، يصفّق بيديه، ويرفع صوته:
> "تذكّروا يا أحباب: إذا استيقظت أصابعكم، أو ركبكم، أو مفاصلكم تؤلمكم وتنتفخ، لا تقولوا: هذا كِبر السنّ. أسرعوا إلى الطبيب! فكلما كان التشخيص مبكراً، كان العلاج أقدر على حمايتكم وإبقائكم واقفين في وجه الحياة."
تصفيق يملأ الساحة، تعود الطبول إلى الرقص،
ويغادر الناس حاملين معهم صورة خديجة…
وأصابعها الذهبية التي أنقذها الطب في الوقت المناسب.