الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

السعدية الباهي: الحاجة إلى قانون جنائي يضمن العدالة للنساء

السعدية الباهي: الحاجة إلى قانون جنائي يضمن العدالة للنساء

ما حدث مؤخرا بمدينة إنزكان يطرح عدة تساؤلات وتخوفات، نتساءل عن مآل دولة المؤسسات، وعن مدى مصداقية مقولة الأمن في خدمة المواطنين، عن الحق في الفضاء العام بالنسبة للمرأة على الخصوص، عن تداعيات ما حدث. والجميع يعلم بأن تقنيات التواصل الحديثة لم تعد تترك سرا مكتوما ولا حاجة حميمية، حيث يصل الخبر ساخنا ولو في أعالي الجبال أو في غياهب السجون والمعتقلات.  ونحن اليوم أمام حدث جرى في فضاء عام يختلف عن باقي الفضاءات، سوق شعبي يعج يوميا بالحركة، قيل إن الفتاتين تعرضتا للتحرش، وللعنف، وقيل إنهما بلباس يخل بالحياء، وقيل إنهما دافعتا بلسانيهما ببذيء الكلام، وقيل أيضا إنهما استنجدتا برجال الأمن طلبا للحماية. ولكن، لم تخرج أية صورة تترجم الحدث وتساعد المتتبع على فهم الحقيقة، لم نجد في اليوتوب ولا في الفايسبوك أثرا لجريمة الاعتداء على فتاتين إن صح اعتبارها جريمة، لها أركانها، في ظل دولة نقول عنها أنها دولة الحق والقانون، إضافة لكون أصداء الواقعة استحضرت الضحيتين المتابعتين قانونيا، وغيبت الطرف الثاني باعتباره متحرشا ومعتديا، وغابت أيضا معالم القانون، مع سلوك رجال الأمن، ولسنا ندري هل العملية تمت بإذن من وكيل الملك؟ أم هو انبطاح للسلطة أمام جبروت الشارع الملتحي والمحافظ والمتطرف؟ هل يعقل أن تطارد النساء بدعوى لباس فاحش؟ والسوق يعج بألبسة منها الممزق والشفاف و التنورة القصيرة والسروال المهلهل دون غيرها.. لم تحجز ولم تحضر؟
تبقى التخوفات حول مغرب الحداثة والاستقرار، ودولة المؤسسات، وضمانات الحريات المدنية والفردية، عن دور وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية؟ عن دور وزارة العدل ومساطرها؟ عن الدستور ومآل تفعيل مقتضياته؟ عن المساواة والعدالة الاجتماعية؟ عن حصانة الشارع من الفكر الداعشي، ومن يشجع هذا الفكر ويحتضنه ويحميه ضدا على الحق والقانون؟ وبالتالي، يبقى التساؤل الواسع والعريض عن خلفيات ما جرى، خصوصا وأن الإعلام نقل الخبر واعتبر الضحيتين قد قضي أمرهما وهما بيد العدالة. أيضا، نتساءل عن مصير القضية، والأصداء تتحدث عن إمكانية تنازل الفتاتين عن حقهما في المتابعة لأسباب عائلية، وعن تراكمات الحركة النسائية أمام كل هذه التهديدات؟
فقد أصبح من الضروري إصدار قانون يجرم العنف ضد النساء ويضمن الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب وقانون جنائي يضمن العدالة الجنائية للنساء  ويعفي التنظيمات النسائية من الاحتجاجات والوقفات، وسياسة أمنية تضمن الحق في الفضاء العام للجنسين ، وتحمي الحقوق الفردية للنساء والرجال وتضمن الأمن والاستقرار لبلدنا.